الحلقة السادسة 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 
أهلا ومرحباً بكم ، لنكمل حديثنا في كتاب الله المنظور ، علي بركة الله نبدأ الحلقة .
تجربة بسيطة جداً ممكن لأي شخص يعملها في البيت ، ولا تكلف صاحبها الإ حوالي ثلاثة جنيهات مصرية ، وقليل من الوقت تقريباً نصف ساعة ، هذه التجربة فتحت الآفاق أمام عالم فضائي ، أن يتوصل إلي إكتشاف عظيم  في الكون ، وفتحت الآفاق أيضاً لعالِمين فضائيين لإكتشاف آخر أذهل علماء الفلك في العالم كله ، وكاد يذهب بعقولهم من هول المفاجأة .
وفي مؤتمر عالمي إجتمع جميع علماء الفضاء من كل بقاع الأرض ، وناقشوا العالِمين في إكتشافهما ، ووقف جميع الحاضرون ، وصفقوا لهما  ، ومنحوهما  جائزة نوبل علي هذا الإكتشاف العظيم

نبدأ بالتجربة العملية : -
أدوات التجربة 
1- منشور زجاجي
2- مصدر ضوئي وليكن شمعة
3- غرفة مظلِمة 
وقبل البداية في عمل التجربة ، اسمحولي أذكركم بالمنشور الزجاجي ، هو قطعة زجاجية هرمية الشكل ، شبيهة بقطعة الجبنة النستون ( المثلثات ) ، لكن لها خمسة أوجه وجهان مثلثان وثلاثة مستطيلة. 
إذا وجهت له مصدر ضوء قام المنشور بتحليل الضوء كما سنري في التجربة ، والآن هيا إلي التجربة العملية 
ثبت المنشور الزجاجي علي مكتب او تربيزة  في غرفة مظلِمة ، نحضر شمعة مضاءة
 ( كمصدر ضوئي ) ، ثم أسقط الضوء علي المنشور الزجاجي بحيث لا يكون الضوء بشكل عمودي حتي لا ينعكس الضوء علي نفسه ، أي لابد أن يكون مائلاً ، سيقوم المنشور الزجاجي بتحليل الضوء إلي سبعة أطياف ، الأعلي اللون الأحمر ، ثم البرتقالي ، ثم الأصفر ، ثم الأخضر ، ثم الأزرق ، ثم النيلي ، ثم البنفسجي .

مثل ُقوس قزح الذي يظهر في السماء بعد المطر ، بسبب بخار الماء الناتج عن هطول المطر ، يحدث إنكساراً للضوء فيعمل عمل المنشور الزجاجي .
هذه الأطياف السبعة متماثلة في كل شيء إلا في شيء واحد وهو الطول الموجي فأطولها اللون الأحمر ، ويقل تدريجيا حتي نصل إلي أقصرها طول موجي ، وهو اللون البنفسجي .
نبدأ بإبعاد الشمعة تدريجياً للخلف ببطء نلاحظ تدريجيا إختفاء اللون البنفسجي صاحب أقصر طول موجي ، ثم يختفي اللون النيلي ، ثم الأزرق ، ثم الأخضر ، ثم الأصفر ، ثم البرتقالي ، ويبقي الأحمر هذا يسمي حيود نحو اللون الأحمر 
(إذن عندما يحدث حيود نحو اللون الأحمر لا يعني عند العلماء إلا شيء وواحد ، وهو أن مصدر الضوء يبتعد عنا ) احفظوا هذه القاعدة جيداً 
وإذا فعلنا العكس أي نقرب الشمعة تدريجياً نحو المنشور الزجاجي ونلاحظ ماذا يحدث : سيحدث العكس تماما ، فيبدأ اللون الأحمر صاحب أطول موجة يختفي ، ثم يختفي اللون البرتقالي ، ثم الأصفر ، ثم الأخضر ، ثم الازرق ، ثم النيلي ، ويبقي اللون البنفسجي أي حدث حيود نحو اللون البنفسجي 
( إذن عندما يحدث حيود نحو اللون البنفسجي لا يعني عند العلماء إلا شيء واحد وهو أن مصدر الضوء يقترب منا ) .
 إنتهت التجربة والخلاصة : ( أنه إذا حدث حيود نحو اللون الأحمر معناه أن مصدر الضوء يبعد  عنا ، وإذا حدث حيود نحو اللون البنفسجي معناه أن مصدر الضوء يقترب منا )

والآن إستعدوا سنطير إلي أمريكا : -
نحن الآن في أمريكا ، وبالتحديد علي قمة جبل ويلسون حيث المرصد الفلكي الخاص للعالِم الفلكي الكبير ( إدوين هابل  Edwin Hubble )  ، فهو عبارة عن شعلة نشاط ، إنه يعمل حوالي 18 ساعة يومياً علي المرصد ، فهو صاحب فضل علي البشرية كلها بعد الله سبحانه وتعالي ، فمعظم معلومات الفلك الحديثة هو مصدرها . 
ففي العشرينات من القرن الماضي ، كان  العالِم الفلكي ( إدوين هابل ) ، يعمل بجد وحماس كعادته في رصد نجوم السماء ، ومجراتها البعيدة ، وتحليل ضوئها القادم عبر فتحة التلسكوب ، حيث يدخل الضوء القادم من النجم إلي المحلل الطيفي ، فيخرج مجموعة ألوان تماماً مثل عمل المنشورالزجاجي 
لاحظ هابل أن كل الأطياف التي يقوم بتحليلها تحيد نحو اللون الأحمر ، فسمي هذه الظاهرة ،
 ( ظاهرة الحيود نحو الأحمر Red  shift ) ولاحظ أن الحيود يزداد كلما كان الجسم المرصود  أبعد وأبعد

هذه صورة للكون وواضح فيها ظاهرة الحيود نحو الأحمر 

هذه لقطة أخري للكون وواضح فيها الحيود نحو الأحمر

قام هابل حينها بمقارنة نتائجه ، بظاهرة فيزيائية معروفة جداً آنذاك وهي
(ظاهرة دوبلر )
سؤال ما هي ظاهرة دوبلر ، وما علاقتها بظاهرة الحيود نحو الأحمر حتي يلجأ إليها العالم الفلكي    ( إدوين  هابل ) ،  للمقارنة بها ؟
الإجابة : - ظاهرة دوبلر نسبة إلي العالم الفلكي كريستان دوبلر.
( حيث إكتشف أن الأمواج الكهرومغناطيسية إذا كانت تقترب منا فإنها تنضغط ، وإذا كانت تبتعد عنا فإنها تستطيل ).
وهذا ما يحدث تماماً حين يقف شخص علي محطة القطار منتظراً ، فيمر به القطار قادم من بعيد وهو يصفر ، فإن صوت الصافرة يكون حاد جداً ، ويزداد مع إقتراب القطار ، حتي إذا ما مر القطار ، خف الصوت وذهبت حدته ...
وهكذا أدرك ( إدوين هابل ) ، أن كل المجرات تبتعد عنا بسبب الحيود نحو الأحمر ، 
وهذا يعني أن الكون يتمدد ويتسع وهذا الإكتشاف  ، يعزز نظرية  الإنفجار العظيم عن باقي النظريات .
وبدأ مجموعة من المقارنات ، وصل إلي وضع قانون بإسمه مفاده ( إن سرعة النجم تتناسب تناسباً طردياً مع مربع المسافة التي تفصلنا عنه ، أي أن النجم كلما كان بعيداً كلما إزدادت سرعة إبتعاده عنا ) ، كما أن المجرات تبتعد عن بعضها البعض أيضاً .
مثال توضيحي لفهم الفكرة 
احضر بالون وارسم عليه مجموعة من النقاط ، إعتبر البالون هو الكون ، والنقاط هي المجرات ، إبدأ بنفخ البالون ، ستري أن النقاط كلها تبتعد عن بعضها البعض ، وكلما إزداد إتساع البالون كلما ازدادت بعد النقاط أكثر ، وهذا ما يحدث في الكون بالضبط .
 ووضع قاعدة قال فيها : ( أن النجم الذي يبعد عنا مليون سنة ضوئية يتباعد عنا بسرعة 20 ميل في الثانية ) ، قال تعالي : - ( والسماء بنيناها بإيد وإنا لموسعون )سورة الذاريات أية.47

والآن ننتقل إلي الإكتشاف العظيم الذي كاد أن يُذهب بعقول علماء الفضاء في العالم كله .
إنهما العالمان الكونيان الأمريكيان ، ( بنزياس ، وويلسون ) لقد بدأ من حيث إنتهي الأخرون ، بمعني ، الآن أصبح من الحقائق المسلم بها لدي علماء الفلك ، أن الكون يتمدد وأنه كلما زاد البعد عنا ، زادت سرعة المجرات في تباعدها عن بعضها البعض ،
و هذه الحقائق العلمية كانت نقطة البداية لهما ،  فقد صنعا جهازا إستخدموه في عمل لا يصدقه العقل البشري ، كانت مفاجأة لجميع علماء الفضاء ، بل للعالم كله
لقد إستطاعا  أن يرصدا أصداء الإنفجار العظيم من علي حافة الكون ، الله أكبر ، إن صدي الإنفجار العظيم ما زال مستمرا حتي الأن ، بهذا الإكتشاف كادت تذهب عقول علماء الفضاء ، حدث غير عادي ، فلم تعد نظرية الإنفجار العظيم مجرد نظرية ، بل إرتقت إلي مستوي الحقيقة العلمية ، بعد أن تأكدا المستمعان الكونيان من رصد أصداء الإنفجار العظيم ، وبهذا الإكتشاف أصبح في الإمكان بعملية رياضية بسيطة حساب عمر الكون بدقة ، 
كان رد فعل علماء الفلك بعمل مؤتمر صحفي عالمي ، حضره جميع علماء الفلك من جميع بقاع الأرض ، واستمعوا للعاِلمين وناقشوهما في الإكتشاف ، ووقف جميع الحضور ، وصفقوا لهما ، ومنحوهما جائزة نوبل في الفيزياء عام 1978م علي هذا الإكتشاف العظيم . 

حساب عمر الكون

قاعدة  (إدوين هابل ) تقول  ( النجم الذي يبعد عنا مليون سنة ضوئية يتباعد عنا بسرعة 20ميل في الثانية ) ، وأصبح الأن بحسبة بسيطة نستطيع حساب عمر الكون .
لو أخذنا مجرة تبعد عنا الأن مليون سنة ضوئية مثلاً ، فإنه وفقاً للقاعدة تكون سرعة تراجعها عنا 20 ميل في الثانية .
 وإذا فرضنا أن هذه السرعة منتظمة ، فإن هذه المجرة تكون قد قطعت مسافة قدرها مليون سنة ضوئية ( أي قطعت مسافة  6 مليون مليون ميل ) منذ بدأ ميلاد الكون في الإنفجار العظيم بسرعة 20ميل / ث
ومن ثم تكون هذه المجرة قد إستغرقت لقطع المسافة المذكورة ، بالسرعة المذكورة ، زمناً قدره ، عمر الكون

وإذا أخذنا مجرة أخري تبعد عنا أكثر ، وتتراجع عنا أسرع لحصلنا علي النتيجة ذاتها .


المسافة =السرعة ×الزمن  نريد معرفة الزمن لتحديد عمر الكون

                 المسافة (1 مليون ) × (6 مليون مليون ميل )
 الزمن =                  ( السرعة  20ميل / ث )               =  ( 3, مليون مليون 

مليون ثانية )

نريد تحويل هذا الرقم من الثانية إلي سنة أرضية العادية بتاعتنا ، السنة عبارة عن 30 مليون ثانية       

                        3, مليون مليون مليون ثانية 
  عمر الكون   =    30 مليون ثانية /سنة أرضية   =10بليون سنة أرضية× 1,37 (معامل التجاذب بين المجرات )


إذن عمر الكون  = 13,7 مليار سنة أرضية

وكالة ناسا تعلن عن مفاجأة

لقد تمكنت من كشف عمر الكون علي وجه الدقة ، بمساعدة مجس فضائي ، قائلة إنه يبلغ 13,7 مليار عام ، كما حددت تاريخ بدء النجوم بالتوهج ،
وقال باحثون من ناسا إن علماء الفلك ظلوا يحاولون تحديد هذه الارقام علي مدي عقود ، لكن مركبة فضائية تبعد عن الأرض 1.6 مليون كم  ، تمكنت من العودة إلي الماضي السحيق والتوصل إلي هذه الإجابات ، وأوضح العلماء أن النجوم بدأت في التوهج واللمعان بعد 200 مليون عام فقط من الإنفجار العظيم . ( إنتهي كلام وكالة ناسا ).

 الأستاز الدكتور / زغلول النجار يعلن عن مفاجأة 

يوجد في القرآن الكريم إشارات قرآنية لتحديد عمر الكون 
من أراد  معرفة  ما قاله هذا العالم الجليل ، ينتظرنا يوم الخميس القادم من خلال الحلقة السابعة إن شاء الله  ، وبهذا نكون قد وصلنا إلي نهاية الحلقة  ، 
استودعكم الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .