الحلقة السابعة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أهلا ومرحباً بكم ، لنكمل حديثنا في كتاب الله المنظور ، وعلي بركة الله نبدأ الحلقة بما
قاله الأستاز الدكتور / زغلول النجار حول وجود إشارات قرآنية لتحديد عمر الكون .
والأن أترك مكاني للعالم الكبير أ. د / زغلول النجار ، وأجلس معكم نستمع جيداً فيما يقوله هذا العالم الجليل ، فالكلمه له .
لقد ذكر القرآن الكريم في كثير من آياته أن الله تعالي خلق الكون في ستة أيام ، كما في قوله سبحانه وتعالي : - ( ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب ) ق أية 38.
أما عن الأيام فالمقصود بها مراحل أو حقب زمنية لخلق الكون ، وليست الأيام التي نعدها نحن البشر ، بدليل عدم وجود عبارة ( مم تعدون ) في جميع الآيات التي تتحدث عن الأيام الستة للخلق ، كما في قوله تعالي : - ( الله الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوي علي العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون ) سورة السجدة أية 4.
والسؤال الأن  ما هي هذه الأيام أو المراحل الستة ، وكيف يمكن تقسيمها كونياً ؟ .

وإليكم الإشارات القرآنية : -

قال تعالي : - ( قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أنداداً ذلك رب العالمين ) سورة فصلت أية 9 ، طبقاً لهذه الآيات ، فإن الأيام الستة للخلق قسمت كما أجمع المفسرون إلي ثلاثة أقسام متساوية ، كل قسم يعادل يومين من أيام الخلق بالمفهوم النسبي للزمن .

أولاً : - يومان لخلق الأرض من السماء الدخانية الأولي ، قال تعالي : - ( أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ) سورة الأنبياء أية 30 .

ثانيا : - يومان لتسوية السماوات السبع ، قال تعالي : - ( ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين . فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحي في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظاً ذلك تقدير العزيز العليم ) سورة فصلت  أيات 11 ،12 . وهذا يشير إلي الحالة الدخانية للسماء بعد الإنفجار الكوني العظيم بيومين حيث بدأ تشكل السماوات فقضاهن سبع سماوات في يومين .

ثالثا : - يومان لتدبير الأرض جيولوجياً وتسخيرها للإنسان ، قال تعالي : - ( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواءً للسائلين ) سورة  فصلت أية 10 ، أي تمام أربعة أيام كاملة متساوية للسائلين من البشر عن مدة خلقها وما فيها .

ويري جميع المفسرون أن هذه الأيام الأربعة تشمل يومي خلق الأرض ، ويومي التدبير الجيولوجي لها ، ويتضح مما سبق : -

1- تساوي الأيام زمنياً ، وإلا لما أمكن جمعها وتقسيمها إلي ثلاثة مراحل متساوية . 
2- التدبير الجيولوجي للأرض حتي وصول السائلين ( الإنسان ) ، إستغرق يومين من أيام الخلق الستة أي إستغرق ثلث عمر الكون .
وحيث أن التدبير الجيولوجي للأرض منذ بدء تصلب القشرة الأرضية وحتي ظهور الإنسان قد استغرق زمناً قدره 4,5 مليار سنة طبقاً لدراسة عمر الأرض . 
إذاً عمر الكون = 4,5 ×3 = 13,5 مليار سنة .
وهذا الرقم يقارب ما توصلت إليه وكالة الفضاء الأمريكية ناسا مؤخراً ، حيث قدّرت عمر الكون ب 13,7 مليار سنة .... إنتهي كلام العالم الجليل أ. د / زغلول النجار.
أهلا ومرحباً بكم مرة اخري ، إسمحولي نشكر أ . د / زغلول النجار جزاه الله خيرًا ، ورفع قدره ، ونفع به الامة ، وجعل الله ذلك في ميزان حسناته .

                         صورة رائعة للكون من وكالة ناسا للفضاء

والآن نكمل حلقتنا بسؤال ، ما المقصود بالسنة الضوئية ؟ .
الإجابة : هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة كاملة ، ومعروف لدينا سرعة الضوء = 186 ألف ميل في الثانية ( أي  300ألف كم / ث ) .

المسافة = السرعة × الزمن
المسافة = 186 ألف ميل/ث ×  ( 365،25( يوم ) ×24 ( ساعة ) × 60 ( دقيقة ) × 60 ( ثانية )
المسافة = 6 مليون مليون ميل.
إذاً السنة الضوئية = 6 مليون مليون ميل ، وهي في ظاهرها وحدة لقياس الزمن ، ولكنها هي وحدة لقياس المسافة .
والأن أذكر لكم بعض المسافات بيننا وبين بعض النجوم ، لنستحضر جميعاً عظمة الله في نفوسنا ، وندرك قدرنا جيداً ، فلا نعصي الله أبداً .
فأقرب نجم لنا هو الشمس ، يبعد عنا 93 مليون ميل ( أي 150 مليون كم ) ، وبالقياسات الضوئية ثمان دقائق وثلث .

وأقرب نجم لشمسنا هو ألفا قنطورس يبعد عنا 4,4 سنة ضوئية . 
نجم الشعري اليمانية يبعد عنا 9 سنوات ضوئية .
نجم الطائر يبعد عنا 14,5 سنة ضوئية .
نجم النسر يبعد عنا 30 سنة ضوئية .
نجم السماك يبعد عنا 50 سنة ضوئية .
نجم العقرب يبعد عنا 270 سنة ضوئية .
النجم القطبي يبعد عنا 430سنة ضوئية .
وهناك نجوم تبعد عنا آلاف بل ملايين السنين الضوئية ، وبعضها لم يصلنا ضوءه بعد .
قال تعالي : - ( فلا أقسم بمواقع النجوم . وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ) سورة الواقعة 75 

سؤال لماذا أقسم الله تعالي بمواقع النجوم ، ولم يقسم بالنجوم نفسها ، أو بأماكن النجوم ؟ وهل هناك فرق بين أماكن النجوم ومواقع النجوم ؟  
فالشمس مثلاً ، وهي أقرب نجوم السماء إلينا تبعد عنا مسافة  150 مليون كيلومتر‏,‏ فإذا أنبثق منها الضوء بسرعته المقدرة بحوالي 300 ألف كم في الثانية من موقع  ما مرت به الشمس فإن ضوءها يصل إلى الأرض بعد ثماني دقائق وثلث دقيقة ,‏ بينما تجري الشمس بسرعة تقدر بحوالي 19 كم  في الثانية في إتجاه نجم النسر الواقع ،
فتكون الشمس قد تحركت لمسافة لا تقل عن 10 آلاف كم عن الموقع الذي انبثق منه الضوء.
للتوضيح أكثر : عندما تنظر إلي الشمس فهذه ليست صورتها الحالية ، ولا مكانها الحالي ، بل صورتها قبل ثماني دقائق وثلث ، وكذلك مكانها قبل ثماني دقائق وثلث أيضاً ، وعلي هذا الأساس ،
إذا حدث إنفجار في الشمس  ، لم ولن نعلم به الإ بعد ثماني دقائق وثلث . 
هذا هو الحال مع أقرب نجم لنا ، فما بالنا بالنجوم البعيدة عنا ، مثلاً نجم الشعري  
 اليمانية الذي نراه جميعاً في كبد السماء ، والذي كان يعبده البعض في الجاهلية ، حتي أنزل الله آية بخصوصة ، قال تعالي : - ( وإنه هو ربُ الشِعري )سورة النجم أية 49 ،
المهم نجم الشعري هذه يبعد عنا 9 سنوات ضوئية ، بمعني صورته الموجودة في السماء الأن هي صورته قبل 9 سنوات ، وكذلك مكانه ما هو الإ موقع مر به قبل 9 سنوات من الآن .

وكذلك النجم القطبي يبعد عنا حوالي 430 سنة ضوئية ، أي أن صورته التي نراها في أفق السماء علي الشمال دائماً ، ليست هي صورته الحالية بل صورته قبل 430سنة  ، وهذه صور للنجم القطبي 

هذه صورة للنجم القطبي ، الذي طالما اهتدى به الناس في ظلمات البر والبحر.
يقول العلماء إن النجم القطبي (A) هو نجم عملاق ويبث ضوءاً يفوق ضوء الشمس بألفي مرة، ولكن هذا النجم ليس وحيداً إنما خلق الله له نجماً قزماً (Ab) قريباً منه ليؤنس وحدته ، ونجماً آخر بعيداً عنه (B) ، ولذلك فهو يشكل منظومة ثلاثية تدور وتسبح بنظام رائع ، هذا النجم يبعد عنا مسافة تقدر ب 430سنة ضوئية ، أي أن الضوء الصادر من 
 هذا النجم يستغرق 430 سنة حتى يصل إلى الأرض، ولو فرضنا أن هذا النجم إنفجر اليوم ، فلن يرى سكان الأرض هذا الحدث إلا بعد مرور 430 سنة!
وهناك نجوم كثيرة تبعد عنا مئات بل آلاف السنين الضوئية ، وخلاصة القول أن ما نراه من نجوم  في السماء  فهي ليست صورتها الحالية ، ولا مكانها  الحقيقي الأن ، بل  مواقع مرت بها النجوم من مئات بل ربما من آلاف السنين  ، صدق الله القائل : - ( فلا أقسم بمواقع النجوم . وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ) سورة الواقعة آيات 75 , 76 .
سبحانك ربي كثيراً ، أسأنا الأدب معك ، سبحانك  ربي ما أحلمك بنا ، سبحانك ربي ما أعظمك ،  ( ربنا إننا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكنن من الخاسرين ) ، الحمد لله الذي شرفنا أن نكون عبادً له ، الحمد لله الذي جعلنا من أمة خاتم المرسلين ، اللهم لا تحرمنا رؤياك يوم القيامة ، واجعلنا من ساكني الفردوس الأعلي اللهم أمين .

سؤال : - إين نحن الآن من هذا الكون الفسيح ؟ .
نحن الآن في قرية كفر الشيخ سليم ، التابعة لطنطا ، التابعة لمحافظة الغربية ، التابعة لمصر ، التابعة لقارة أفريقيا ، التابعة لكوكب الأرض ، التابعة للمجموعة الشمسية ، التابعة لمجرة درب التبانه ، التابعة للمجموعة المحلية ، التابعة للداليه الصغري ، التابعة للدالية الكبري ، التابعة للسديم الأصغر ، التابع للسديم الأعظم ، التابع لعنقود الدرجة الأولي ، التابع لعنقود الدرجة الثانية ، التابع لعنقود الدرجة الثالثة ، التابع لعنقود الدرجة الرابعة ، التابع لعنقود الدرجة الخامسة ، التابع لعنقود الدرجة السادسة ،التابع لعنقود الدرجة السابعة ، التابع لعنقود الدرجة الثامنة ، التابع لعنقود الدرجة التاسعة ، التابع لعنقود الدرجة العاشرة ، التابع للكوازرس ( اشباه النجوم )،............................الخ.
هذا وما زلنا لم نصل السماء الأولي ( سماء الدنيا ) ، قال تعالي : - ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير ) سورة الملك أية 5 .
يسألنا ربنا في كتابه الكريم : - ( ءأنتم أشد خلقاً ام السماء بناها . رفع سمكها فسواها ) سورة النازعات أيات 27 , 28
بالله عليكم ماذا نمثل نحن في كون الله ، ولا شيء ،..... نعم ولا شيء ، والله كل البشر لا يمثلون شيء في حجم الكون , لو قلنا نمثل صفر % سنكون ظلمنا الصفر ، وعلي الرغم من هذا فالله يحبنا ، نعم الله يحب كل خلقه ، بدليل أنه أرسل لنا رسلاً مبشرين ومنذرين ، ليخرجوا الناس من ظلمات الجهل والطغيان إلي نور الإيمان والهدي ، وأنزل للناس كتب سماوية تحمل شرعه  وتعاليمه ، وخصنا نحن بأن نكون من أمة خاتم الأنبياء والمرسلين ، سيدنا محمد صل الله عليه وسلم ، الذي ما ترك خيرا إلا ودلنا عليه ، وما ترك شراً الإ وحذرنا منه ، فجزاه الله عنا خيراً ، قال تعالي : - ( ولقد كرمنا بني آدم ) .
وقد بينا في الحلقات الماضية كيف أن الكون كله أسرة واحدة ، الكل عرف مهامه ويفعلها بكل حب وإخلاص ، فالكون كله يعبد رب واحد هو الذي خلقه ، الكون كله طائع لله إلا الإنسان أضعف المخلوقات ، فمنهم مؤمن ومنهم كافر ، ومنهم طائع لله ومنهم عاصي ، ومنهم بر ومنهم فاجر ، قال تعالي : - ( ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء ) سورة الحج أية 18
فيا من ظلمت نفسك  بإتباع الشيطان ومعصية الله ، والبعد عن منهج الله  ، كفي وارحم نفسك من عذاب جهنم , ولا تُهين نفسك في ذل المعصية في الدنيا ، وإتباع خطوات الشيطان ، وتهينها في نار جهنم في الأخرة .
أقبل علي الله بالتوبة ، وأبشر برب غفورٌ رحيم .

سأل سيدنا موسي عليه السلام  ربه  ذات يوم ، قال يا ربي :  ألست خالق كل الناس ؟
( قال الله : -  بلي يا موسي ) ،..... قال موسي ، فلم تدخل بعض عبادك النار ، ( قال له رب العزة : - يا موسي إذهب إزرع وأحصد ) ، فذهب موسي فزرع وحصد ، ثم ذهب لمناجاة ربه  ، ( قال له رب العزة : - أزرعت وحصدت يا موسي )،  قال موسي : - بلي يا ربي ، ( قال له ربه أتركت في الأرض شيئاً لم تحصده ) ، قال نعم تركت من لا فائدة فيه ، ( قال له رب العزة : - وأنا أدخل النار من خلقي من لا فائدة فيه ).
وأختم الحلقة بقول الله تعالي : - ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون ) سورة الحديد أية 16.
إلي هنا نكون قد وصلنا إلي نهاية الحلقة ، أترككم علي أمل اللقاء بكم الخميس القادم مع الحلقة الثامنة .
استودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .