الخميس، 28 نوفمبر 2013





الحلقة الخامسة





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أهلاً ومرحباً بكم ، لنكمل حديثنا في كتاب الله المنظور ، علي بركة الله نبدأ الحلقة .
إن كل شيء في الكون يتحرك ، بل و ليس في الكون ما هو ساكن علي الإطلاق ، نعم الإطلاق ، أنتم مثلاً في مقاعدكم تجلسون ، وعلي الأرائك متكئون ، وعلي التليفزيون والرسيفر والمكتب والحائط تنظرون ، وفي ظنكم تحسبون أنكم ساكنون ومستقرون ، وفي  الحقيقة أنكم وما عليه تجلسون وما إليه تنظرون إلا متحركون .
هذه المنضدة أوالتربيزة أو المروحة  مثلا تحسبونها هامدة وما هي حقاً كذلك ، إن كل ما فيها يتحرك وإن كنتم لحراكها لا تشاهدون .
وكذلك الحجر والشجر وكل مافي السماوات والأرض وما بينهما .
أوضح لكم أكثر ، لنبدأ بأصغر الوحدات وهي الذرة ، وحدة بناء الكون وحروفه الدقيقة 
إن جميع مكونات الذرة في حركة دائمة ، النواة داخل الذرة تدور بإستمرار ،
 والإلكترونات تدور حول نفسها وحول النواة في مدارات لها ،
 وبما أن المقاعد والمكاتب والتليفزيون والرسيفر والحجر والشجر والحيوان والإنسان وكل مافي الأرض مؤلف من ذرات .إذن فالكل في حركة دائمة ولا يعرف للسكون سبيلا 

وبالنسبة للأخوة الذين لم يعرفوا الكثير عن الذرة بطبيعة دراستهم وعملهم ، سأوضح لكم بإيجاز وفي عجالة معلومات بسيطة عن الذرة .
الذرة : - عبارة عن نواة تحتوي علي ( نيوترونات متعادلة الشحنة ، و بروتونات موجبة الشحنة ) ، ويوجد حول النواة إلكترونات سالبة الشحنة وعددها نفس عدد البروتونات الموجبة التي بالنواة ، وتدور الإلكترونات حول نفسها ، وحول النواة بسرعة فائقة تتراوح من 2000 إلي 100 ألف كم/ الثانية ، ولم يحدث تصادم بين إلكترون وآخر علي الإطلاق ثم إن النواة تمثل 99,9% من كتلة الذرة ،
 لأن الإلكترون دقيق للغاية ، مثال توضيحي : -  
إذا وضعنا نقطة علي قطعة من الورق ، وفرضنا أن هذه النقطة هي النواة ، إذن فالإلكترون  الذي يدور حولها سيكون علي بعد 50 متر من هذه النقطة . 
وإذا فرضنا أن  نواة الذرة بحجم التفاحة ، ستكون الإلكترونات التي تدور حولها علي بعد   50 كم من التفاحة . 
ولاعجب في أنه لا يمكن لأي ضربة ، أو صدمة أو إنفجار يحدث في هذا العالم أن يبدل موضع الذرة أو النواة أو الإلكترونات ، حتي الكائن الحي الذي يتكون من الذرات يموت ، لكن الذرات التي شكلت هذا الكائن تبقي في الدوران . 
إن الذرات التي تشكل الشجرة التي إلتهبت فيها النار لا تحترق ولا تزول معها ، بل تبقي تدور في الهواء وتتحد مع ذرات مختلفة لإنتاج مواد جديدة ،إذن الكل في حركة دائمة ،
هذا رسم توضيحي للذرة .


                          




يوجد شبه كبير بين منظومة الذرة ، ومنظومة المجموعة الشمسية التي ننتمي لها ، تعالوا معي ننظر ونتأمل في شكل الذرة والمجموعة الشمسية ، من خلال الصور التي أمامنا .







قولوا سبحان الله ، سبحان من خلق فسوي ،  سبحان من قدر فهدي ، الحمد لله أن الله كبير عظيم ، الحمد لله الذي شرفنا وأكرمنا أن نكون عباداً له ، الحمد لله الذي سمح لنا بعبادته وذكره وشكره ، اللهم اجعلنا أن نكون أهلاً لعبادتك .
قال تعالي :- ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) سورة يس من أية 38 إلي الأية 40 .
ويقد العلماء بشكل تقريبي عدد المجرات في الكون المشاهد بمائة بليون مجرة وتحتوي كل مجرة في المتوسط على مائة بليون نجم وما يتبع هذا النجم من كواكب وأقمار ويبلغ متوسط المسافة بين مجرتين متجاورتين 25 بليون بليون كيلومتر أو ما يعادل 2.5 مليون سنة ضوئية أما متوسط المسافة بين نجمين متجاورين فتبلغ في المتوسط سنتين ضوئيتين أو ما يعادل 20 ألف بليون كيلومتر وأما المسافة بين النجوم المتجاورة فتقاس بعشرات الملايين من الكيلومترات وصدق الله العظيم القائل ( فلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ) سورة الواقعة الآيات 75-76.

سؤال هل هناك وجه شبه بين منظومة الذرة التي لا تري بالعين المجردة ، وبين مجموعتنا الشمسية ؟ 
الإجابة  : - نعم وإليكم أوجه الشبه .
1- النظامين عبارة عن جسم في الوسط ( النواة بالنسبة للذرة أو الشمس بالنسبة للمجموعة الشمسية ) ، وهذا الجسم المركزي له جاذبية تتحكم في النظام الذي حوله . 
2- يوجد أجسام تدور حول الجسم المركزي ، وهي الإلكترونات في الذرة  والكواكب في المجموعة الشمسية  .
3-الإلكترونات تدور حول نفسها وحول النواة ، والكواكب تدور حول نفسها وحول الشمس 
4- نسبية الأحجام النواة كبيرة جداً بالنسبة للإلكترونات ، والشمس كبيرة جداً بالنسبة للكواكب ز
5- أغلب الذرة فراغ ، وأغلب المجموعة الشمسية فراغ . 

والآن تعالوا معي نسبح في الكون ونشاهد حركته ،
 الأرض ( كوكبنا الحبيب ) يدور حول نفسة لتعاقب الليل والنهار بسرعة 1670كم / ساعة ، فيحدث اليوم .وتدور الأرض حول الشمس مرة كل 365,25 يوم ن لتتابع الفصول الأربعة  بسرعة  108 ألف كم / س فيحدث العام
وكذلك جميع كواكب المجموعة الشمسية تدور حول نفسها وحول الشمس .حول نفسها يمثل اليوم ، وحول الشمس يمثل السنة 
وكذلك الشمس تدور حول نفسها مرة كل 27 يوم في المتوسط . وتدور حول مركز المجرة ومعها توابعها ( الكواكب وأقمارهم ) بسرعة 800 ألف كم / الساعة ، وتستغرق بذلك 250 مليون سنة لإنجاز دورة كاملة واحدة ، وإذا كان عمر الشمس يقدر بنحو 4600مليون سنة فإنها تكون قد أتمت نحو 18 دورة فقط منذ خلقها وحتي الآن . 
قال تعالي : - ( والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ) سورة يس أية 38 
 وقد أكتشف العلماءحديثاً وجود ثقب أسود في مجرتنا شديد الجاذبية لدرجة تجعل هذه البلايين من الشموس تدور حوله ، قال تعالي ( وكل في فلكٍ يسبحون ) سورة يس أية 40




وهكذا فالكل يدور وإن شئتم يطوف من الذرة إلي المجرة ، والكل صغر حجماً أو كبر يدور حول شيء محدد وبهذا تعدد الطائفون وتوحد المطوف به . 
ألا يذكرنا هذا بالطواف حول الكعبة الشريفة ، إذن إتضحت لنا الحكمة من الطواف ، إنها حكمة وحدة النظام في الكون ووحدانية خالقه .
والكعبة الشريفة هي رمز لبيت الله وعنده تكون البيعة لرب العرش العظيم ،
 فتنعقد النوايا وتتوحد القلوب ، والكعبة هي بمثابة مركز الجاذبية الروحية التي ينبغي أن تكون بين العبد المؤمن وبين الله . 
وأريد أن أوضح لكم أمراً في غاية الأهمية وهو إتجاه دوران الإلكترونات حول النواة من الغرب إلي الشرق أي ( من الشمال إلي اليمين ) ،وهي نفس إتجاه حركة  الكواكب حول الشمس ، وهي نفس إتجاه حركة الشمس بكواكبها وأقمارها حول مركز المجرة ، وهكذا فالكون كله يدور في نفس الإتجاه ، حتي الطواف حول الكعبة في نفس الإتجاه 

والآن بعد هذه الرحلة الكونية ، أذكركم ونفسي بقول الله تعالي : - (تسبحُ له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيءٍ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماً غفوراً ) سورة الإسراء أية 44

إذن كما نلاحظ الكون كله منسجم مع بعضه البعض من الذرة إلي المجرة ، الكل يسبح لله الواحد الأحد ، الكون كله من أصل واحد وهو الجرم الأولي الذي تكلمنا عنه سابقاً ، الكون كله أسرة واحدة ، خالقه رب واحد ، الكون كله يعرف بعضه بعضاً ، ولا عجب في ذلك فالكل شركاء في عبادة رب واحد ، هل عرفتم لماذا هدهد سيدنا سليمان كان شاغل نفسه بالدعوة إلي الله ، قال تعالي : - ( إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيءٍ ولها عرشُ عظيم . وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون . ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون . الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم ) سورة النمل من الأية 23 إلي الأية 26،  الهدهد وجد نفسه وقع في خطا شرعي بقوله ( ولها عرشُ عظيم ) فخشي علي نفسه أن يكون قد وقع في الشرك ، فجدد إعلان التوحيد لله  الذي له العرش العظيم قال ( الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم ) . 
هل عرفتم كيف عرفت النملة سيدنا سليمان قال تعالي : - ( حتي إذا أتوا علي وادي النمل قالت نملة يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون ) سورة النمل أية 18 لاحظتم قول النملة وهم لا يشعرون ، النملة تعلم جيداً أخلاقيات المؤمن الحق لم تقصد سيدنا سليمان فقط بل قالت وجنوده في قولها ( وهم لا يشعرون )
هل عرفتم سر إبتسامة رسولنا محمد صل الله عليه وسلم للقمر قائلاً له ربي وربك الله 
هل عرفتم سر شكوي  الجمل من صاحبه انه يحمله فوق طاقته ولا يطعمه عندما اشتكي  للرسول محمد صل الله عليه وسلم. 
هل عرفتم لماذا الجبال كانت تسبح مع سيدنا داود . 
هكذا كون الله ،  فيا أيها الإنسان الجاحد ، الذي حمّلت نفسك فوق طاقتها بمعصية الله ،
إذا أردت السعادة في الدنيا والأخرة إنسجم مع الكون كن عابداً شاكراً ذاكراً لله حتي تنسجم مع ملابسك وغرفتك وشقتك وشارعك ومدينتك والكون كله.
قال تعالي : - ( ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما ) سورة الأحزاب أية 71
نكتفي بهذا القدر علي أن نكمل حديثنا في الحلقة القادمة إن شاء الله 
أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الثلاثاء، 26 نوفمبر 2013




الحلقة الرابعة 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .   
علي بركة الله نبدأ ( الحلقة الرابعة ) ونستكمل فيها حديثنا عن نشأة الكون .          
في الحلقة الماضية ، توصلنا إلي بعض الحقائق الأ وهي ، أن الكون ( حادث ) أي لم يكن موجوداً في لحظة ما ، بل كانت مادة الكون جميعها ( من ذرات ومجموعات شمسية ومجرات وداليات وخلافة ... ) ، كانت متحيزة بداخل النجم الأولي ، الذي لا يستطيع العقل البشري تخيله من صغره ، وكثافته ، وطاقته المكنونة بداخله .                                             
 نعود مرة أخري للنجم الأولي ، قبل الإنفجار العظيم : أي  ( الفتق الأول ) ، كان الكون كله عبارة عن ( مادة وطاقه ) مكنونتان بداخل النجم الأولي ، ولا يوجد زمان ، ولا مكان .  
هناك قاعدة علمية احفظوها حفظاً جيداً ، تقول : - ( لا زمان بغير حركة ، ولامكان   
بغيرمادة )  .
و بحول الله وقوته حدث الإنفجار العظيم للنجم الأولي ، مولداً طاقة مهولة ،وغلالة من الدخان ، وبدأ الكون في الإتساع منذ الأنفجار العظيم حتي وقتنا الحالي ، وتكونت السماوات والأرض من غلالة الدخان ، مصداقاً لقول الله تعالي : - ( ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعاً أو كرهاً قالتا أتينا طائعين ) سورة فصلت أية 11        

سؤل الإمام مالك عن معني الإستواء فقال : - الإستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والسؤال عنه بدعة ، والإيمان به واجب .                          
 نعود مرة أخري للأنفجار العظيم ( الفتق ) ، عندما أخذت درجات الحرارة في الإنخفاض ، و تكونت ذرات الهيدروجين ،  ثم ذرات الهيليوم ، ومن ثم بدأ الكون في التشكل من سماوات ، و أرض ، ومجموعات شمسية ، ومجرات ...........ألخ ) ، كما بينت في الحلقة الماضية ، ننتقل إلي نقطة ثانية وهي أتساع الكون .                                                             
خلق الله تعالي الكون علي إتساع ، أي قابل للأتساع ، قال تعالي : - ( والسماء بنيناها بأيدٍ وإنا لموسعون ) سورة الذاريات أية 47 ، بأيد : أي بقوةٍ .              
فالكون يتسع بقوة دفع للخارج ، ناتجة من الإنفجار العظيم قوة كبيرة جداً ، تقابلها قوة تجاذب ضعيفة جداً تريد أن تجذب الكون مرة أخري إلي بدايته الأولي .                          
سؤال : - هل معدل إتساع الكون من مليار سنة مثل معدل إتساعه الأن ؟         
الإجابة : - يقول العلماء الفلكيون : -( لا ) ، لأن معل إتساع الكون الآن أقل مما كان عليه قبل مليار سنة ، ويرجع ذلك إلي أن القوة الدافعة للخارج ( قوة الطرد المركزي ) بتقل تدريجياً ، وقوة التجازب للداخل تزيدتدريجياً وسيأتي يوم تتساوي فيه القوتان ، ( قوة الدفع للخارج ،وقوة التجازب للداخل ) ، وبعدها يحدث العكس تزيد قوة التجازب وتقل قوة الدفع للخارج ، وحينئذ يبدأ الإنسحاق العظيم ( الإنكماش العظيم ) ،  وهو عكس الإنفجار العظيم تماماً .      
 أوضح لكم بمثال كيف يتم الإنكماش العظيم ؟        
 كان الناس قديماً عندما يكتبوا رسالة، يكتبوها علي قطعة من الجلد ، أو ورق البردي ، أو الورق المعروف لدينا الأن ، ثم يقوم بلفها بعضها علي بعض  بشكل إسطواني ، أكيد رأينا ذلك في الأفلام القديمة ،
صورة ‏‎Dr-abdirizak Fahiye‎‏.


 المهم ، ما تم كتابته في الرسالة يسمي ( كُتب ) ، والجلد أو الورق التي ُكتب عليه يسمي ( سجل ) ، وهذا بالضبط ما سيحدث للكون إن شاء الله في أخر الزمان هو نفسه ما حدث للرسالة ، مصداقاً لقوله تعالي : - ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين ) سورة الأنبياء أية 104.
 قبل بداية الإنسحاق العظيم ، الكون الأن عبارة عن أربع جواهر : - 1-جوهر الزمان ، 2- جوهر المكان ، 3- جوهر المادة ، 4- جوهر الطاقة . تذكروا القاعدة التي قلتها في بداية الحلقة : - لا زمان بغير حركة ، ولا مكان بغير مادة . بدأ الأنكماش العظيم ، زادت قوة التجازب وأخذ الكون في الإنكماش ،حينئذ يتلاشي جوهر الزمان ، ويتلاشي ايضاً جوهر المكان ، وأصبح الكون كله عبارة عن مادة وطاقة فقط ينجذب أكثر وأكثر ، حتي يعود إلي صورتة الأولي تماماً ، ( جرم لا يتخيله العقل البشري من صغره وكثافته وطاقته ) ، وهذا هو( الرتق الثاني ).

إنتهي كل شيء ، نعم إنتهي كل شيء ، يامن تتنافسون علي الدنيا ، يا من ضيعت عمرك في ظلم الناس ،والإفتراء عليهم ، وظلمهم وقتلهم ، إنتهي كل شيء ، يا من كذبت ، وعذبت ، وارتكبت المعاصي ، وأغضبت الله ، في سبيل الوصول لمنصب ، أو أرضاء لفلان أو علان ، إنتهي كل شيء ، يا من هتكت الأعراض وقلت أنا عبد مأمور ، لا والله لو كنت عبداً ماموراً حقاً ، لأخذت القران والسنة منهجاً ، إنتهي كل شيء ، يا من قطعت الأرحام ، يا من سرقت ، يا من أزللت خلق الله في أقسام الشرطة ، يا من كنت عاق لوالديك , إنتهي كل شيء ، يامن عصيت الله في السر والعلن ، يامن قذفت المحصنات العفيفات ، يا من منعت أختك من الميراث . أنتهي كل شيء ، يامن ظلمت زوجتك ، يامن شربت الخمور ، يامن أذيت الجيران بالقول والفعل ، يامن كنت تسخر وتستهزيء من الملتزمين والعلماء ،
إنتهي كل شيء ، يا من نسيت ربك . قال تعالي : - ( يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ) سورة غافر أية 52 ،                

إنتهي كل شيء ولم يبقي الإ الله الواحد الأحد ، قال تعالي : - ( لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ) سورة غافر أية 16 .              

حدث الرتق الثاني ، ورجعنا مرة أخري لنقطة البداية ، حينئذ يأمر الله الجرم الصغير والذي يعجز العقل البشري تخيله ، أن ينفجر ويحدث مثل ما حدث في الانفجار العظيم أول مرة ، ويتكون سماوات جديدة ، وأرض جديدة ، كم حدث في الفتق الأول قال تعالي : - ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار ) سورة ابراهيم أية 48 ، وقال تعالي : - ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين ) سورة الأنيياء أية 104 نكتفي اليوم بهذا القدر علي أن نكمل حديثنا في اللقاء القادم إن شاء الله .
 أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .



الحلقة الثالثة 



موضوع الحلقة : -( نشأة الكون ) .                                                                       

 قال تعالي:- ( الله خالق كل شيء وهو علي كل شيء وكيل ) سورة الزمر أية 62                                                       
 أصبح يقيناً عند كل علماء الفيزياء الكونية أن الكون حادث ،  وليس أزلياً ، ولا أبدياً ، ولا سرمدياً ، وسأوضح لكم الفرق بين الأزلي ، والأبدي ، والسرمدي .
  فالأزلي : - هو الماضي من غير نهاية .   
 والأبدي : - هو المستقبل من غير نهاية .        
أما السرمدي : - فيشمل الأثنين ( الأزلي والأبدي )  ، أي أنه الماضي والمستقبل بلا نهاية .    
وإذا كان لكل نظام وحدة بناء ، فإن الذرة هي وحدة بناء المادة وبالتالي فهي وحدة بناء الكون .  
 هناك  قاعدة تقول أن كل مركب حادث وكل حادثٍ لابد له من محدث ، فإذا اختذلنا الكون كله في وحده بناءه الأولي وهي الذرة ، سنجد أن حتي الذرة مركبة أيضاً  ،  وأصغر ذرة هي الهيدروجين ، وذرة الهيدروجين مركبة من ( بروتون واحد موجب ، ونيوترون واحد  متعادل الشحنة ، ويدور حول النواة الكترون واحد  سالب الشحنة ،
 إذن الكون حادث ولابد له من محدث وهو:- ( الله ، الواحد الأحد ، الفرد الصمد) .                                                                  
وعندما شاءت إرادة الخالق سبحانه ، عظمت صفاته ، وتقدست أسماؤه ، إبداع هذا الوجود قال تعالي :- ( إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ) سورة يس أية 82 ، وقال تعالي : ( الله نور السماوات والأرض ) . سورة النور أية 35 ، بتأمل الأيات نستدل علي أنه في البداية كان نور الله ، ثم كانت كلمة كن ، فتولد الكون من الضياء الالهي .                                                                                     

علي بركة الله نبدأ مسيرتنا مع اللحظات الأولي التي تم فيها خلق الكون .      
 سؤال :- هل كان هناك آ نذاك من أحد ليشهد تلك اللحظات ؟       
 الاجابة لا ،  قال تعالي : - ( ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضداً ) سورة الكهف أية 51                   
والأن تعالوا معي نتصور لحظة بداية الكون ، هناك نظريات كثيرة لتصور بداية الكون أهمها : - ( نظرية الانفجار العظيم ، Big Bang ).للعالم الفلكي البلجيكي / جورج جامو عام 1948 م  ، وهذه النظرية لها  قبولاً عظيماً وإستحساناً متزايداً لدي العلماء .                                                             
سؤال : - ماذا تقول نظرية الانفجار العظيم ؟ الإجابة بإختصار في  بداية الكون كان هناك جرماً لا يستطيع أحد من البشر تخيله .                         
 فهو من الصغر بمكان ، بما  يفوق تخيل العقل البشري ،         
 ومن الكثافة بمكان ، بما  يفوق تخيل العقل البشري ،                                                   ومن الطاقة بمكان ، بما  يفوق تخيل العقل البشري  ،     
تخيلوا حتي هذه اللحظة جيداً ، في الصفر من عمر الكون ، كانت كل الذرات والكواكب والنجوم والمجرات كامنة في هيئة الجرم الصغير الذي لا يستطيع  العقل البشري تخيله . 
[ وكانت مشيئة الله بإنفجار هذا الجرم  ] ،  فانفجر هذا الجرم الأولي ،  فكان ( الفتق الأول ) 
 قال تعالي :-  ( أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ) . سورة الانبياء أية 30 


صورة توضح لحظة الإنفجار العظيم ( الفتق الأول )
                      
إذن في البداية كان هناك رتقاً ،  ثم أتبعه فتقاً بهذا الانفجار العظيم وفي أخر الزمان سيحدث رتقاً  ثانياً ، يتبعه  فتفاً ثانياً ، ، قال تعالي ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين ) سورة الأنبياء أية 104                                             
 حدث الإنفجار العظيم ، وتولد معه حرارة لا يمكن تخيلها ، مائة بليون درجة مئوية ، مما سبب تفتت الذرات إلي جسيمات أولية ، ومن ثم أخذت مادة الكون في التمدد السريع ، وبعد فترة هبطت السخونة إلي بليون من الدرجات المئوية ، وهي حرارة باطن أسخن النجوم ، وعندئذ لم تعد البروتونات والنيوترونات ذات طاقة تكفي للأفلات من قوي التجاذب النووي ، فبدأت بالالتحام لتشكل نوي ذرات الهيدروجين التي تضم بروتون واحد ونيوترون واحد ، ثم تشكلت نوي الهيليوم ( 2 بروتون، و 2 نيوترون ) ...............وهكذا .  
 معني هذا أن الهيدروجين هو أول عناصر الكون تشكلاً وأكثرها وجوداً ....وأخذ الكون في الإتساع والحرارة في الإنخفاض .
نعود مرة أخري للحظة الإنفجار العظيم والذي كان مصحوباً بغلالة من الدخان ، وهذه هي (مرحلة الدخان )، وفي هذه المرحلة خلق الله السماوات والارض ، قال تعالي  ثم استوي إلي السماء وهي دخان فقال لها وللأرض إئتيا طوعاً أو كرهاً قالتا آ تينا طائعين ) سورة فصلت اية 11 .    
وبدأت غلالة الدخان تتقارب وكونت مجموعات شمسية ، والمجموعات الشمسية كونت مجرات ، والمجرات كونت داليات ، والداليات كونت عناقيد ........وهكذا حتي تكون كل هذا الكون بحول الله وقوته  .                           
ومنذ لحظة الإنفجار العظيم والكون في إتساع دائما قال تعالي :-(والسماء بنيناها بأيدٍ وإنا لموسعون )  أكتفي بهذا القدر علي أن نكمل حديثنا في الحلقة القادمة إن شاء الله .                     
 أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة .



الحلقة الثانية 


مقدمة الحلقة : -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : -
لا تنسوا موعدنا غدًا إن شاء الله ، مع الحلقة الثانية ، وارجوا من حضراتكم قراءة الحلقة
الأولي ، حتي تكون المعلومة مكتملة وتعم الفائدة .
كلنا نعلم أن البدن بعد الموت يتحلل و يتحول إلي تراب ، لكن هل من الممكن أن يتحول إلي حجارة ، أو إلى حديد ، وعلي أي أساس  ؟ .                   
 أخبرنا النبي ( صل الله عليه وسلم ) : - بأننا سندخل الجنة  إن شاء الله علي هيئة أبونا  آ دم عليه السلام ، الطول ستون ذراعاً ، والعرض سبعة أذرع ، كما أخبرنا بأن ضرس الكافر في النار مثل جبل أحد ، ومعني هذا أن أبداننا في الأخرة ستكون غير أبداننا هذه والتي بين أضلعنا الأن ، فكيف نوفق بين هذا قول الرسول صل الله عليه وسلم وبين قول الله تعالي : -  ( اليوم نختم علي أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون )
يس أية 65 ؟ ، ومن الأية نفهم بأن الذي سيتكلم ويشهد علينا أيدينا هذه ، وأرجلنا هذه التي معنا الأن ، فهل أبداننا هذه هي التي ستكون معنا في أرض المحشر؟ وندخل بها الجنة بإذن الله ، أم تستبدل أبداننا بأبدان اخري ؟ .
                                                  
 التساؤل التالي قال الله تعالي : - ( إن الذين كفروا بأياتنا سوف نصليهم ناراً كلما نضجت جُلُودُهُم بدلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزاً حكيما ) سورة النساء أية 56 ، وذكرنا في الحلقة الماضية بأن النفس هى المسئولة في الإنسان ، وهى 
التي تنعم في الجنة ،  أو تعذب في النار والعياذ بالله  . والسؤال الآن هل الجلد ينعم أويعذب أيضاً مع النفس ؟ أم ماذا ؟  .         
الاجابة علي هذه الأسئلة ضمن لقاء الغد بإذن الله إن شاء الله .                                 أستودعكم الله ، والسلام  عليكم ورحمة الله وبركاته .                                                                                   
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : - 
أهلاً ومرحباً بكم ، لنكمل حديثنا في كتاب الله المنظور ، فعلى بركة الله نبدأ حلقة اليوم ، والتي ستكون عن طبيعة النفس البشرية ، والذى بدأناه الأسبوع الماضى .

 فعندما يموت الإنسان تخرج الذات لعالم البرزخ ، أما البدن فيعود إلي الأرض ، قال الله تعالي : - ( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخري ) سورة طه أية 55 فيتحلل البدن ويتحول بحول الله وقوته ، إلي تراب ، أو إلى حجارة ، أو إلى حديد ، حسب نوع التربة التي دفن فيها البدن .      
ولقد أثبتت الأبحاث بأن البدن مكون من ستة عشر عنصراً ، هي نفس العناصرالموجودة في التراب ، فسبحان الواحد الأحد ، الفرد الصمد  .

سؤال كيف تتحول العظام إلى تراب ، أوإلى حجارة ، أو إلى حديد ؟

1- إذا دفن البدن في تربة ترابية ، فإنه بعد فترة يتحلل و يتحول إلي تراب . 


2- وإذا دفن البدن في تربة كانت غنية بمركبات السيليكا واكسيد الكالسيوم ،  فعلى المدي البعيد ، و بفعل المياة الجوفية التي تسحب من البدن عناصره المختلفة وتملئه بالسيليكا واكسيد الكالسيوم ، فيتحول الهيكل العظمي الي حجارة . 

3-  واذا دفن البدن في تربة كانت غنية بأكسيد الحديد ، وعنصر البيريت أي ثاني كبريتيد الحديد ، وبفعل المياة الجوفية التي تسحب من البدن عناصره وتملئه باكسيد الحديد ، وعنصر البيريت ، ومع الوقت يتحول الهيكل العظمي ليصبح كله من الحديد ، 
بكل خواصه من بريق ولون ، بحيث إذا رأيته حسبت أنه قد صنعه صانع من الحديد فعلا
قال الله تعالى مخاطباً منكري البعث : - ( وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبا ً) سورة الإسراء آيات 49 ، 50 ، 51 ، تتحدث هذه الآيات عن إنكار المشركين 
 لحقيقة البعث بعد الموت ، بعد أن يتحولوا إلى عظام وتراب , ولكن جاء الرد الإلهي يخبرهم أنكم حتى لو أصبحتم حجارة أو حديد ، فإن الله قادر على أن يبعثكم مرة أخرى ، وفي هذه الآيات يشير القرآن الكريم إلى تحول 
 الموتى إلى حجارة أو حديد ، وهذه حقيقة تم إثباتها علميا ، ليس هذا فقط بل أصبحت هذه الحقيقة أساس علمي لدراسات أكثر تعقيدا فيما يعرف بعلم المتحجرات ، وبالتالي فإن القرآن الكريم قد سبق العلم الحديث ، في الإشارة إلى حقيقة تكون الحفريات نتيجة تحول الموتى إلى حجارة أو حديد ، فمن الذي علم سيدنا محمد صل الله عليه وسلم بذلك يا من تنكرون نبوته ؟                 
ننتقل إلي النقطة الثانية وهي شهادة الأعضاء لنا ، أو علينا .         
 يوم القيامة سيحينا الله تعالي بنفس الأبدان ، ونمر بجميع مراحل يوم القيامة بنفس الأبدان ، وبعد فصل الله بين العباد ، ( فريق في الجنة وفريق في السعير ) ، هنا ينتهي دور هذا البدن فيتحلل مرة اخري ويتحول إلى تراب والله اعلم  ، أما الذات فتدخل بدن آخر أعده الله لنا علي هيئة أبونا آدم الطول ثلاثون متر ،  والعرض ثلاثة ونصف متر والعمر ثلاث وثلاثون عاماً ، قال الله تعالي : - (... وإذا النفوس زوجت ...) ، نسأل الله تعالي  أن يجعلنا وجميع المسلمين في الجنة اللهم أمين . 
 ننتقل إلي النقطة الثالثة : - وهي هل الجلد ينعم أو يعذب ؟ طبياً الجلد لا يعذب ولا ينعم ، ثم تأملوا جيدا في قول الله تعالي:- ( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها ليذوقوا العذاب ) سورة النساء أية 56 ، لو قال الله تعالي لتذوق العذاب لكان الضمير عائداً علي الجلد ، إنما قال ( ليذوقوا العذاب ) فالضمير عائداً علي النفس ، وبالتالى فإن النفس هى  
 التي تنعم في الجنة ، أو تعذب في النار .
اسمحولي نكتفى بهذا القدر من المعلومات حول طبيعة النفس البشرية ، على أن نبدأ الحلقة القادمة ، في موضوعنا الأساسي ، كتاب الله المنظور الكون وكيف بدأ ، وأين نحن من الكون ، وسوف أبذل كل جهدي أن أوصل لحضراتكم المعلومة بإسلوب سهل وشيق بمشيئة الله ، وأثناء الحلقة سوف ندعوا إلى الله تعالى ، لنستحضر عظمة الله في نفوسنا في كل شيء في أقوالنا وأفعالنا ، محاولة منا لمعرفة قدر الله ، مستعينين بالله ، وبتقوى الله ، قال تعالى : - ( واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم ) سورة البقرة أية 282 .
فعلينا جميعا مجاهدة النفس ، والعمل علي تهذيبها ، وأن نشغل أنفسنا دائما بطاعة الله .
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله جهاد النفس أربع مراتب : -
أحدها : - أن تجاهدها على تعلم الهدى ودين الحق ، الذي لا فلاح لها ولا سعادة في معاشها ومعادها إلا به ، ومتى فاتها علمه شقيت في الدارين .
الثانية : - أن تجاهدها على العمل به بعد علمه ، وإلا فمجرد العلم بلا عمل إن لم يضرها لم ينفعها .
الثالثة : - أن تجاهدها على الدعوة إليه ، وتعليمه من لا يعلمه . وإلا كان من الذين يكتمون ما أنزل الله من الهدى والبينات ، ولا ينفعه علمه ، ولا ينجيه من عذاب الله .
الرابعة : - أن يجاهدها على الصبر على مشاق الدعوة إلى الله وأذى الخلق ، ويتحمل ذلك كله لله ) انتهى كلامه رحمه الله .
وفي وصية لقمان لابنه قال :  - ( يا بني، إن الإيمان قائد والعمل سائق والنفس حزون، فإن فتر سائقها ضلت عن الطريق ، وإن فتر قائدها حزنت ، فإذا اجتمعا استقامت ).
نسأل الله تعالى أن يقينا شر أنفسنا ، وأن يصلحنا ويصلح بنا ، اللهم آميين .     
وبهذا نكون قد وصلنا الي نهاية الحلقة  ، أشهد الله أني أحبكم جميعا في الله ، أترككم على أمل اللقاء بكم الأسبوع القادم مع حلقة جديدة وموضوع جديد  .
استودعكم الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . 





خواطر د/ مصطفي جادالله في كتاب الله المنظور 



إهداء

                       

1 - إلي أبي وأمي ( اللهم ارحمهما كما ربياني صغيراً ) .
2 - إلي من قال الرسول صلي الله عليه وسلم في حقها  : - ( خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة ) . 
3 - إلي قرة العين أبنائي ( أحمد ، آلاء ، وعبد الرحمن ) ، اللهم اجعلهم من الصالحين . 
4 - إلي كل من يقرأ كلماتي  .               




مقدمة


إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمد عبده ورسوله .  




الحلقة الاولي 


مقدمة الحلقة : -  
هل الروح هي السر الإلهي وإذا خرجت مات الانسان ؟ 
وهل للملائكة روح  ؟ وهل للطيور والحيوانات روح ؟ .
وهل نحن نحب ونكره بالقلب ،  أم بالعقل ، أم بالروح ، أم بالفؤاد ، أم بالجسد ؟  .        
وهل لو شخص أجري جراحة زرع قلب ، هل مشاعره تتغير مع زوجته مثلاً ؟ .         
وعلي من تقع المسئولية في الإنسان ، وبالتالي يتحمل العذاب في الأخرة ، أويكافيء بالنعيم في الجنة ؟ .
الشخص الكافر ما هو الكافر فيه ، هل  البدن  ، أم الروح  ، أم النفس  ، أم الفؤاد  ، أم كل هؤلاء ؟  
الإجابة على هذه الأسئلة ، ضمن حلقة الغد إن شاء الله .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : - 
أهلاً ومرحباً بكم ، لنبدأ سلسلة حلقات ، خواطر د / مصطفى جادالله فى كتاب الله المنظور، والتى سنتكلم فيها عن الكون ، طاعة لأمر ربنا حيث يقول فى كتابة الكريم : - ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشيء النشأة الأخرة إن الله على كل شيء قدير) سورة العنكبوت أية 20 .
فعلى بركة الله نبدأ الحلقة الأولى ، وسنتكلم اليوم عن النفس البشرية وطبيعتها ، لنتعرف عليها عن قرب  ، قبل إنطلاقنا فى كون الله المنظور .                            

فالإنسان مكون من جزئين رئيسيين وهما : -
 1-البدن : - وهو الجسد المعروف للجميع .
2- الذات : -  وهي عبارة عن ( الروح والنفس والعقل والفؤاد ) 
عندما تكلم الله عن الروح قال تعالي : - ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أُوتيتم من العلم الإ قليلا ) سورة الإسراء أية 85  ، من أمر ربي : أي من خلق ربي وليس من ذات ربي ، وعندما  تكلم الله عن النفس قال تعالي : - ( كلُ نفس ذائقة الموت وإنما توفون أُجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأُدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) سورة آل عمران أية 185
إذن النفس هي التي تموت ، وليست الروح . 
والأن أوضح لكم أن الروح من خلق الله ، وليست من ذات الله ، لأنها لو كانت من ذات الله لأصبحنا جميعاً آله ، أو أنصاف آله ، قد تأتي الروح مضافة لله في بعض الآيات من القران الكريم مثل قوله تعالي : - ( ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين ) سورة التحريم أية 12 .                                                                                  
أضاف الله تعالي الروح له ، تشريفاً وتعظيماً للروح ، والأضافة نوعان : -
1-إضافة صفات : - مثل ( يد الله ، سمع الله ، بصر الله ) ، فهذه الصفات لا تقوم بذاتها وبالتالي فهذه الصفات غير مخلوقة 
2- إضافة أعيان : - مثل ( بيت الله ، ناقة الله ، روح الله ) وهذه الأعيان تقوم بذاتها ، بمعنى نستطيع أن نقول هذا بيت الله ، وهذا بيت أحمد ، وهذا بيت محمد ، إذن جميع الصفات هذه مخلوقة ، وحادثة بما فيها الروح .
 والإنسان هو المخلوق الوحيد الذي لديه روح ، وهذا هو سر سجود الملائكة لأبونا آدم .
إذاً الملائكة ليس لديها روح ، بل لديها  نفسٌ ملائكية ،....... وكذلك الطيور ، والحيونات ليس لديها روح ، بل لديها نفسٌ حيوانية .
الروح ليست السر الإلهي والتي لو خرجت مات الانسان ، فالروح تخرج من البدن كل يوم وقت النوم ، تاركةً البدن يعمل بكل كفائة ، أما الموت فهو خروج الذات من البدن .                       


 


إذاً الإنسان الحقيقي هو الذات ، أما البدن فهو مجرد حاوية فقط للذات .
واعلموا أن جميع الأبدان مسلمة بما فيها بدن الكافر، فالكافر في الإنسان هو ذاته وليس بدنه .  وغير هذا أننا نحب ، ونكره ، ونري ، ونسمع ، بالفؤاد ، مصداقاً لقول الله تعالي ( ما كذب الفؤاد ما راي ) سورةالنجم  أية  11 ، و قوله تعالي : - ( ولتصغي اليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالأخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون ) سورة الأنعام أية 113.
وهناك مثال أخر من الحياة الواقعية ، ما حدث للدكتور / أحمد بهجت .. صاحب قنوات دريم ، حيث أجريت له عملية زراعة قلب ورئتين ، وبعد العملية بفترة  سألوا زوجته عن مشاعره نحوها ، فأجابت أن مشاعره لم تتغير البته ، وهذا ما يوضح بأن القلب المعروف لدينا جميعاً ، ما هو الإ مضخة للدم فقط ،  و أن القلب الحقيقي في الذات .                                   




والأن ننتقل الي نقطة أخري ألا وهي ، علي من تقع المسئولية في الانسان ؟ .
الإجابة هي أن المسئولية  في الإنسان تقع علي النفس ، علي سبيل المثال. السيارة عبارة عن هيكل السيارة (Body ) ، وموتور السيارة  ،  والسواق ،  إذا السيارة عملت حادث علي من تقع المسئولية ؟ علي هيكل السيارة  (Body ) ،    أم موتور السيارة  ، أم السواق ،  أكيد علي السواق .فإذا فرضنا أن هيكل السيارة  (Body ) هو البدن ،  وموتور السيارة هوالدماغ  ،  فإن السائق هو النفس . فكما أن السواق هو المسئول عن الحادث ، فإن النفس هي المسئولة في الإنسان ، قال تعالي : - ( كل نفس بما كسبت رهينة )سورة  المدثر أية  38 ، وقال تعالي : -  ( وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ) سورة  ق 21 أية ، وقال تعالي : -  ( يأيتها النفس المطمئنة إرجعي إلي ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ) سورة الفجر آيات ( 27 ، 28 ، 29 ، 30 ، ) ، وقال تعالي : - ( فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ) سورة ال عمران أية 25 ،وقال تعالي : - ( ونفسٍ وما سواها .فألهمها فجورها وتقواها ) سورة الشمس أيات 7 ، 8 ، وكان الرسول محمد صل الله عليه وسلم كثيراً يقول : -  (والذي نفسي بيده )،ويقول أيضاً ( والذي نفس محمد بيده )
فالنفس عاقلة ، ولا تقام الحجة الإ علي العاقل ،  ففي عالم الذر عندما أحيانا الله كنا بالذوات فقط دون الأبدان ، وأقام ربي الحجة علي النفس ،قال تعالي : - ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم علي  أنفسهم ألست بربكم قالوا بلي شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين ) سورة الأعراف أية 172 .                      
إذن الموت هو خروج الذات من البدن فيتحلل البدن إلي تراب ،  أو حجارة  ، أو حديد أما الذات فتذهب الي عالم البرزخ .  
توضيح هذه الأمور بالتفصيل في اللقاء القادم إن شاء الله .         
أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحلقة الثلاثون  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : - أهلاً ومرحباً بكم ، لنكمل حديثنا في كتاب الله المنظور ، فعلى بركة الله نبدأ حلقة ...