الاثنين، 24 مارس 2014


الحلقة الثانية والعشرون


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : -
أهلاً ومرحباً بكم لنكمل حديثا في كتاب الله المنظور، فعلى بركة الله نبدأ حلقة اليوم ، والتي سنتكلم فيها عن أية من آيات الله التي وهبنا إياها ، لتستمر الحياة على كوكب الأرض ، ألا وهي نعمة إرسال الرياح .
فالرياح ماهى إلا هواء متحرك ، ومن خصائص الهواء أنه مائع أي قادرعلى التحرك من منطقة الضغط العالى إلى منطقة الضغط المنخفض ، دون مراعاة لحدود دول ، أوحاجة إلى جواز سفر وتأشيرة دخول ، فعندما تقوم الشمس بتسخين منطقة معينة من الأرض ، فترتفع درجة حرارة الهواء فيها ويبدأ بالإرتفاع إلى طبقات الجو العليا بسرعة كبيرة ، لأن حجم الهواء الحار أخف من حجم الهواء البارد ، وعندما يرتفع الهواء الحار الأخف فجأة تنخفض كثافة الهواء ، ويصبح ضغطه منخفض ، والعكس صحيح فالمناطق الباردة درجة حرارتها منخفضة ، وبالتالى يتركز الهواء في الطبقات السفلى ، وينتج عن ذلك ارتفاع كثافة الهواء ويصبح ضغطه مرتفعاً ،وبالتالى تتدفق تيارات هوائية أبرد بسرعة ، لسدّ الفراغ الذي تركه الهواء الحار وراءه .


وبهذا يتغير الضغط الجوي على سطح الأرض من منطقة إلى أخرى ، فتهب الرياح وتتوقف شدتها واتجاهها بناءاً على الفرق بين ضغطى المنطقتين ، وتتحدد شدة الرياح عادة حسب سرعتها ، فقد تكون نسيماً سرعته لا تتجاوز واحد ميل / س ، أو تكون إعصار مدمر تزيد سرعته عن 70 ميل / س ، علماً بأن الميل = 1،6 كم تقريباً .

 وقد أشار القرآن الكريم إلى درجات الريح المختلفة ، واسمائها وهي كالتالي : -
1 - ريح طيبة أى لطيفة قال الله تعالى : - ( حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة ) سورة يونس أية 22، وهذا النوع من الريح يسمى علمياً من نسيم خفيف إلى رياح شديدة  ، وتبلغ متوسط سرعتها من 1 - 31 ميل / س .


2 -  عاصفة قال تعالى : - ( ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين ) سورة الأنبياء أية 81 ، وتسمى علمياً عاصفة غيرمكتملة ، وتبلغ سرعتها من 32 - 38 ميل / س .


3 - حاصب وهى التى ترمى بالحصباء أي الحصا ، قال الله تعالى : - ( أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصباً ) سورة الإسراء أية 68 ، وتسمى علمياً عاصفة وتبلغ سرعتها من 39 - 46 ميل / س .

4 - صرصرٍ وهى ريح شديدة الصوت ، قال الله تعالى : - ( وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية ) سورة الحاقة أية 6 ، والأسم العلمي لها عاصفة شديدة ، وتبلغ سرعتها من 47 - 54 ميل / س .


5 - قاصف أي ريح كاسرة ، قال تعالى : - ( أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفاً من الريح فيغرقكم بما كفرتم ) سورة الإسراء أية 69 ، والاسم العلمى لها زوبعة ، وتبلغ سرعتها من 55 - 63 ميل / س .


6 - عاتية أي ريح متجاوزة الحد ، قال الله تعالى : - ( وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية ) سورة الحاقة أية 6 ، والاسم العلمى لها زوبعة هوجاء ، وتبلغ سرعتها من 64 - 72 ميل / س .

7 - إعصار وهى ريح جبارة تنعكس من الأرض إلى السماء على هيئة مخروط عظيم ، مثل إعصار التنين الطائر قال تعالى : - ( فأصابها إعصار فيه نار ) سورة البقرة أية 266 ، والاسم العلمى لها إعصار ، وسرعتها أكثر من 72 ميل / س .

إعصار التنين الطائر طبعا هو ليس تنين ، بل إعصار على هيئة نافورة ماء تشبه قمع قطره حوالى 50 متر ، وارتفاعه حوالى 300 متر يتدلى من السحب إلى سطح البحر ، وقد يحدث في جداره تفريغ كهربائي مستمر فيبدوا وكأنه يشتعل نار ، يحدث ذلك في شرقي البحر المتوسط خلال موسم الشتاء .

سؤال : - سمعت أن السماء أحياناً تمطر سمكاً ؟ فهل هذا صحيح ؟ وكيف يحدث هذا ؟ .
نعم قد تمطر السماء أحياناً سمكاً ، ويحدث هذا عند حدوث إعصارفالرياح تاخذ شكل قمع أو مخروط كبير ، فقد يسحب الإعصار ماء البحر وما فيه من سمك صغير وترفعه إلي السحب ، وعندما تهدأ العاصفة يتساقط السمك مع المطر .


سؤال ما فائدة الرياح على سطح الأرض ؟ .
الرياح لها فوائد كثيرة ، لعل من أهمها الفائدتين التاليتين وهما : -
1 - تنظيم درجات الحرارة على سطح الأرض : - حيث تقوم الرياح بنقل درجات الحرارة من مناطق وفرتها إلى مناطق ندرتها عند القطبين ، وبذلك لا تسود فروق عظمى من درجات الحرارة تفنى معها الحياة على سطح الأرض .
2 - إثارة السحب وتلقيحها : - فالرياح تثير السحب بعد خفائها ، ثم يسوقها الله تعالى حيث يشاء قال تعالى : - ( والله الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور ) سورة فاطر أية 9 ، ومعنى الإثارة في اللغة السطوع والظهور وهذا ما يحدث فالرياح تظهر السحب بعد خفائها .

سؤال كيف للرياح أن تظهر السحب ؟ .
السحب تتكون من بخار الماء الموجود في الهواء ، والناتج عن تسخين الشمس لمياه الأرض ، وهذا البخار غير مرئي في الظروف العادية ، فيأتي دور الرياح فتظهره بطريقتين وهما : -
الأولى : - حمله إلى مناطق تكثيفه ، في طبقات الجو العليا الباردة .
الثانية : - تزويد السحب بنوى التكاثف كذرات الغبار والأيونات ، وهى ذرات مشحونه كهربائياً قال الله تعالى : - ( وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين ) سورة الحجر أية 22 .

فالرياح تلقح السحب بطريقتين : - إما أن تمدها بنوى التكاثف كما قلت سابقاً ، أو تلقحها كهربائياً بالجمع بين الشحنات الكهربائية الموجبة والسالبة الموجودتين في السحب ، وإحداث تفريغ كهربائي وما يصحبه من برق ورعد ، وبالتالي فإن لفظ لواقح في الأية القرآنية تشير إلى تلقيح السحب كهربائياً ، وليس تلقيح النبات كما قالوا المفسرون القدامى الذين أغفلوا النصف الآخير من الأية القرآنية ، فالله تعالى رتب إنزال الماء من السماء بعد إرسال الرياح لواقح ، والفاء في قوله ( فأنزلنا ) تفيد الترتيب والتعقيب ، فالتلقيح المقصود في الأية بين قطرات وقطرات أو بين سحب وسحب ، وهو ما يؤكد سياق الأية من نزول الماء نتيجة لتلقيح السحب ، والله أعلم .

سؤال : - ما الفرق بين السحاب والضباب ؟ وما هى أنواع السحب ؟ وكيف تمكن العلماء من دراسة السحب ؟ وتقسيمها إلى عدة مناطق ؟ .
السحب عبارة عن بخار ماء متكثف في طبقات الجو العليا لإرتفاع يصل إلى 18 كم .
والسحاب والضباب كلاهما بخار ماء متكثف ، ولكن السحاب في طبقات الجو العليا ، والضباب في طبقات الجو السفلى .


يوجد نوعان من السحب وهما كالتالى : - 
النوع الأول سحب بساطية : - وهى تتكون بالنمو الأفقي وتشبه البساط ومن هنا جاء اسمها ، وقد تحدث القرآن الكريم عن هذا النوع من السحب ، قال تعالى : - ( الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فيبسطه في السماء كيف يشاء ) سورة الروم أية 48 ، أي أن الله تعالى يرسل الرياح ، والتي بدورها تعمل على إظهار السحب ، فيبسطها الله سبحانه وتعالى في السماء كما يشاء .


النوع الثاني سحب ركامية : - وهى تتكون بالنمو الرأسي ، وتشبه الجبال ، وتمتد من قرب سطح الأرض حيث درجة الحرارة حوالي 20 درجة مئوية إلى أكثر من 15 كم رأسياً إلي نهاية طبقة التروبوسفير ، حيث تنخفض درجة الحرارة إلي 40 درجة تحت الصفر ، وقد تحدث القرآن الكريم عن هذا النوع من السحب ، قال تعالى : - ( ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاماً فتري الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار ) سورة النور أية 43 ، والمقصود بالبّرد هو بلورات الثلج .


وحديثاً تمكن العلماء من دراسة السحب الركامية التي تشبه الجبال بإستخدام الرّدار، وتبين أن السحابه الركامية تتألف من وحدات صغيرة ، يتم تجمع كل اثنين أو أكثر منها لتكوين السحابه .
وقام العلماء بتقسيم السحابة الركامية إلى ثلاثة مناطق وهى كالتالي : - 
1 - المنطقة العليا : - وهى منطقة بلورات الثلج ( البّرد ) .
2 - المنطقة الوسطى : - وهى منطقة نقط الماء فوق المبّرد .
3 - المنطقة السفلى : - وهى منطقة نقط الماء الكبيرة النامية ، ويشير القرآن الكريم إلى المنطقة السفلي في قول الله تعالى : - ( فترى الودق يخرج من خلاله ) سورة الروم أية 48 ، والودق هو نقط الماء الكبيرة المتنامية .

سؤال : - هل للرياح استخدامات أخري في حياتنا ؟ .
تعتبر طاقة الرياح آمنة ، فضلا عن أنها طاقة متجددة ، وهي طاقة بيئية لا يصدر منها ملوثات مضرة بالبيئة ، ويتجه العالم الآن بعد ظاهرة الإحتباس الحراري والتلوث ، لإعتماد مصادر الطاقة المتجددة كمصادر طاقة بديلة ، والطاقة المنتجة من الرياح هي مصدر الطاقة المتجددة الأقل تكلفة والأكثر تبشيراً بالنجاح ، وقد استطاع الإنسان في استخدام طاقه الرياح فى تحريك الأشياء والإستفاده منها ، ويتم تحويل حركة الرياح إلى شكل آخر من أشكال الطاقة سهلة الإستخدام ، غالبا كهربائية وذلك باستخدام مروحيات .

كيف تبدا طاقة الرياح ؟
تبدأ الطاقة الناتجة عن الريح أولاً من الشمس ، فعندما تقوم الشمس بتسخين منطقة معينة من الأرض ، فترتفع درجة حرارة الهواء و يبدأ هذا الهواء الحار بالارتفاع إلى طبقات الجو العليا بسرعة كبيرة ، لأن حجم الهواء الحار أخف من حجم الهواء البارد ، وعندما يرتفع الهواء الحار الأخف فجأة ، تتدفق تيارات هوائية أبرد بسرعة ، لسدّ الفراغ الذي تركه الهواء الحار وراءه .
فإذا قمنا بوضع جسم ما ، مثل طاحونة الهواء في طريق تلك الريح ، فستقوم الريح بدفعها ، محولة بعض من طاقتها الحركية إلي طاحونة الهواء ، وبهذه الطريقة يستمد توربين الرياح الطاقة من الريح ويحدث نفس هذا الأمر مع المركب الشراعي عندما يدفع الهواء المتحرّك الشراع ويتسبّب بتحرك المركب
تكنولوجيا استخدام الرياح لتوليد الطاقة الكهربائية
تكنولوجيا استخدام الرياح لتوليد الطاقة الكهربائية هي أسرع مصادر توليد الكهرباء الجديدة نمواً على الصعيد العالمي ، ويتم إنتاج الطاقة من الرياح بواسطة محركات (أو تربينات) ذات ثلاثة أذرع تديرها الرياح ، وتعمل كما تعمل المراوح ،ولكن بطريقة عكسية فبدل استخدام الكهرباء لإنتاج الرياح كما تفعل المراوح ، تقوم هذه التربينات باستعمال الرياح لإنتاج الطاقة .


مميزات وعيوب طاقه الرياح
طاقة الرياح متجددة ولا ينتج عنها غازات تسبب ظاهرة تلوث ، مثل ثاني أكسيد الكربون أو أكسيد النتريك أو الميثان ، وبالتالي فإن تأثيرها الضار بالبيئة طفيف جداً ، وغير هذا أن 95% من الأراضي المستخدمة كحقول للرياح يمكن استخدامها في أغراض أخرى مثل الزراعة أو الرعي ، كما يمكن وضع التوربينات فوق المباني .
أما بالنسبة لعيوبها فالتأثير البصري لدوران التوربينات ، والضوضاء الصادرة عنها قد تزعج الأشخاص القاطنين بجوار حقول الرياح ، ولتقليل هذه التأثيرات يفضل إنشاء حقول الرياح في مناطق بعيدة عن المناطق السكنية ، وقد تتسبب التوربينات العملاقة أحيانًا في قتل بعض الطيور خاصة أثناء فترات هجرتهم ، ويتم حاليًا دراسة تأثيرها على انقراض بعض أنواع الطيور، ولكن النتائج المبدئية تشير إلى أن التوربينات ليس 
لها هذا التأثير الشديد ، وتعتبر الدانمارك أكثر البلدان استغلالا لطاقة الرياح منذ عام 2009م ، تليها أسبانيا ثم البرتغال ، وأخيرا يمكن القول أن طاقة الرياح من الطاقات التي يمكن تطبيق استخدامها بسهولة في عالمنا العربي ، لتقليل نسب التلوث التي بدأت تتزايد ، ورغم أن الفكرة بدأ تطبيقها فعلاً في بعض الدول العربية إلا أن المطلوب نشر التجربة في باقي الدول ، اسأل الله تعالى أن يجمع العرب بل المسلمين جميعاً على كلمة الحق ، وأن يأخذ بناصيتهم إلى كل ما يحبه ويرضاه ، اللهم آميين .
سؤال : - السحب لها وظيفة اساسية وهى اسقاط المطر ، فكيف يتم ذلك ؟ .
إنها آية من آيات الله على كوكبنا الحبيب الأرض ، وتكفله سبحانه وتعالى بحماية مخلوقاته ، وما دورة الماء في الطبيعة سوى مصنع للمطر ، بل من أعظم المصانع وأضخمها وأكثرها أهمية وأعقدها تقنية

وسؤالى لكم جميعاً ، أتعلمون من هم العاملون في ذلك المصنع ؟ .
إنهم خمسة : - شمس مسخرة ، وبحر ذلول ، وريح مرسلة ، وسحب مزجاة ، ورواسي  
شامخات ، تعمل كلها في تناسق وتناغم طاعة لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، بحسابات دقيقة ومحكمة ومقدره من لدن عليم خبير لإنجازعمل عظيم ، إن هذا الإنجاز العظيم يتمثل في أربعة خطوات متتاليات ومتتابعات وهن : - التبخير ، والتكثيف ، والإنزال ، والتبخير مرة أخرى ، وسنتناول بدراسة الخطوات الأربع بالتفصيل كلٍ على حده في الحلقة القادمة الأسبوع القادم إن شاء الله .
استودعكم الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


الأربعاء، 19 مارس 2014


الحلقة الحادية والعشرون 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : -
أهلاً ومرحباً بكم لنكمل حديثنا في كتاب الله المنظور ،  فعلى بركة الله نبدأ حلقة اليوم ، والتي سنكمل فيها حديثنا عن الجاذبية ، وخاصة الجاذبية الارضية .
والآن تعالوا معى نستمع ماذا يقول علماء الفضاء عن تجربتهم عندما خرجوا إلى الفضاء
تقول الدكتورة / كاثلين كولين Kathleen Cullen من المعهد الطبي لأبحاث الفضاء ، مفسرة  ما يحدث لرائد الفضاء عندما يخرج من نطاق جاذبية الأرض تقول : - إننا ندرك العالم من حولنا من خلال دمج المعلومات السمعية والبصرية ، وتحدث المشكلة عندما يحدث تعارض بين السمع والبصر ويسمى "التضارب الحسي" والذي يسبب 
الغثيان أو مرض الفضاء ، ويصف لنا رواد الفضاء الذين عادوا إلى الأرض إحساسهم ويقولون :  - منذ اللحظة الأولى لخروجنا من نطاق جاذبية الأرض ، بدأ الخداع البصري ، وبدأت أعيننا تدخل في حالة من الوهم والتخيل ، فكنا لا نميز بين الأعلى والأسفل ، كنا أشبه بإنسان مسحور، حتى إن أحد رواد الفضاء أفاق من نومه وهو داخل مركبته فرأى الأرض فوقه بدلاً من أن يراها تحته كما تعود على ذلك ، فأغمي عليه وتقيَّأ وتتابع قولها : - إن الأعراض التي يشعر بها رواد الفضاء هي نفسها التي يعاني منها من أفرط في شرب المسكرات ، لأن شرب الخمر يؤدي إلى فقدان التنسيق بين حاسة البصر وحاسة السمع ، وبالتالي يشعر رائد الفضاء وكأنه سكران .
ثم تقول : - إن العديد من الناس على الأرض عاشوا نفس الإحساس الذي يحسه رائد الفضاء ، وذلك عندما يشربون كمية من الخمور، ولكن مع فارق بسيط وهو أن الخمر يؤثر أكثر على حاسة السمع ، أما انعدام الوزن فإنه يؤثر على حاسة البصر، هناك أمر آخر وهو أن الذي يسكر على الأرض يستطيع أن يفيق من ذلك بعد يوم مثلاً ، أما في الفضاء فيكون في حالة سكر دائم .




والسؤال هنا أحبتي في الله : - أليس هذا ما قاله القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرناً ؟ .
 قال الله تعالى : - (ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون .  لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بل نحن قوم مسحورون ) سورة الحجر أيآت 14 ، 15 ،  وكلمة
(سُكِّرَتْ) جاءت من فعل (سَكَرَ) أي حُبست عن النظر أو غُشِّيت وغُطِّيت ، وكل هذه المعاني صحيحة وتنطبق على ما يشعر به رائد الفضاء ، ومن معاني (سُكِّرَتْ) أُغلقت ، والحقيقة في اللحظة التي يغادر فيها رائد الفضاء الأرض يجد الكون غارق في الظلام الدامس فلا يرى شيئاً ، وهذا من عظمة كتاب الله تعالي ، إن رواد الفضاء الذين عادوا
من رحلاتهم يصفون شعورهم وكأن أبصارهم قد أُغلقت ، وبالتالي فإن كلمة (سُكِّرَتْ) تناسب جميع الحالات التي يشعر بها كل من يخرج إلي الفضاء الخارجي ، إننا لا نشعر 
بنعمة الجاذبية إلا عندما نغادر الأرض ، وهذا ما يشكو منه رواد الفضاء ، حيث يقول العلماء الذين صعدوا إلى الفضاء الخارجي وعاشوا حالة انعدام الجاذبية : - 




1- إننا نعاني من أمراض كثيرة مثل : - الغثيان ، وصعود الدم للأعلى في الجسد بدلاً من الأسفل وبالتالي انتفاخ الوجه ، أما العظام فتفقد جزءاً من الكالسيوم ، وبالتالي فإن الذي يعيش في الفضاء يُصاب بهشاشة العظام .
2- نتيجة لعدم الإستقرار وغياب الجاذبية ، فإن الدورة الدموية ستضطرب وتتكون حصوات في الكلية ، ويتباطأ تقلص الأمعاء مما يعيق عملية هضم الطعام ، وسوف يرتفع لديه ضغط الدم ، وسرّعة في نبضات القلب ، مما يسبب له مشاكل في نظام عمل القلب ، تبقى لمدة أشهر حتى بعد عودته إلى الأرض .
3- سوف يختلف إيقاع الجسم الطبيعي بسبب فقدان طلوع الشمس وغروبها ، فالظلام يخيم على كل شيء في الفضاء ، وبالتالي سوف تختل دورة الجسم ونظامه ، ولا يعود قادراً على فعل شيء ، كما أن الأشعة الكونية القاتلة سوف تؤثر عليه وتسبب أذى لجهازه العصبي ، وقد يُصاب بأورام خبيثة نتيجة هذه الإشعاعات .



4- يعاني كل من يفقد الجاذبية ويعيش في الفضاء من قلة النوم ، لأنه فقد الجاذبية التي تجعل رأسه مستقراً على الفراش أثناء النوم ، فهو يشعر وكأنه يسبح في سائل ما ، ولذلك لا يتمكن من النوم إلا بصعوبة ، وسوف يضعف لديه نظام المناعة .


5- سوف تحدث اضطرابات عديدة في القلب ، لأنه سيعمل أكثر، فالجاذبية الأرضية تساعد القلب على ضخ الدم ، وعند غياب الجاذبية ، فإن القلب سيبذل جهداً أكبر، مما يُضعف عضلة القلب ، بل إن الدكتور William Evans من وكالة ناسا للفضاء يقول إن الخروج خارج الأرض هو بمثابة "كابوس طبي" حيث يعجز الطب عن علاج الأمراض الناتجة عن انعدام الجاذبية ، وكذلك فإن الذي يعيش في الفضاء بعيداً عن 
جاذبية الأرض ، يعاني من صعوبة التبول لأن السوائل تبقى معلقة وملتصقة بجسده ولا تنزل للأسفل ، وبالتالي فإن أبسط الأشياء سوف تختل .  

مشاعر رواد الفضاء
إن رواد الفضاء عندما يعودون إلى الأرض يشعرون وكأنهم عادوا إلى بيتهم ، ولذلك فإن الله تعالى وصف لنا هذا الإحساس عندما وصف الأرض بأنها كالمهد بالنسبة للإنسان ، والمهد هو السرير الذي ينام عليه الطفل ويستقر ، قال الله تعالى : - ( الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى) سورة طه أية 53.
وقال تعالى : - (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) سورة الزخرف أية 10، وقال تعالى : - ( أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهَادًا ) سورة النبأ أية 6 .
تأملوا معي كيف يصف الله الأرض بأنها مهد ، ثم يذكرنا بنعمة عظيمة يفقدها الإنسان أيضاً في الفضاء وهي : - (وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ، فقد جعل الله في الأرض طرقاً وأشياء نهتدي بها ، أما الإنسان في الفضاء فلا يستطيع التوجه ، لأنه محاط بظلام دامس من كل مكان ، والذي يوجهه هو قوة الجاذبية فقط ، فتأملوا هذه النعمة (نعمة التوجه) التي نستخدمها كل يوم ولا نشعر بقيمتها إلا عندما نفقدها .
ويؤكد العلماء في أقوالهم بأن الإنسان لن يستطيع الذهاب بعيداً في الفضاء بسبب الخطر الناجم عن الأشعة الكونية الخطيرة ، والتي تخترق أي جسم وتصل إلى أعماق الخلايا عند الإنسان ، وبالتالي فإن الموت سيكون المصير الطبيعي لمن يحاول الإبتعاد عن الأرض كثيراً ، وربما نتذكر في هذا الموقف قول الحق تبارك وتعالى : - ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ * فَبِأَيِّ آَلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) سورة الرحمن أية33-34 .

سؤال : - ماذا حدث في مغامرة فليكس بقفزه من ارتفاع 39 كم من سطح الأرض ، وكيف صعد ، وكم من الوقت استغرق حتي وصل إلي هذا الإرتفاع ؟ ، وكم من الوقت استغرق حتى هبط إلى الأرض ؟ وما دور الجاذبية الأرضية في ذلك ؟ .



فليكس باومجارتنر ، ولد في سالزبورج بالنمسا في20 أبريل 1969م ، رائد فضاء وقافز مظلات نمساوي , اشتهر بأعماله المثيرة الخطيرة , قضى خمس سنوات في الجيش النمساوي حيث كان يمارس القفز بالمظلة , بما في ذلك الهبوط على أراضي ذات مساحة
ضيقة ، وفي عام 2012 م  وبالتحديد في يوم 14 اكتوبر ،  سجل فليكس رقما عالميا في القفز من ارتفاع 39 كم ، من طبقة ستراتوسفير ، ووصلت سرعته 1342 كم / س ، مخترقا بذلك سرعة الصوت في الهواء ، حيث أن سرعة الصوت 1242 كم / س .
هذا وكان قد صعد بمنطاد مملوء بغاز الهيليوم الخفيف إلى طبقة الستراتوسفير، واستغرق صعوده بالمنطاد ساعتين ونصف ، ثم قفز أولاً قفزة للسقوط الحر أي بدون المظلة بسرعة تعدت سرعة الصوت . وقبل وصوله إلى الأرض ب 1،5 كم ، فتح المظلة ووصل إلى الأرض في صحراء نيومكسيكو بالولايات المتحدة الأمريكية  ، مسجلا بذلك أعلى سرعة للسقوط الحر ، وأعلى ارتفاع وصل إليه الإنسان بواسطة منطاد .


وأثناء رحلة الهبوط إلي الأرض قطع مسافة 37،5 كم الأولى من قفزته في سقوط حر بدون استعمال المظلة ، في زمن قدره  4 دقائق و22 ثانية ، ثم فتح المظلة في آخر 1،5 كم وقطع هذه المسافة في زمن 4 دقائق و47 ثانية ، وبالتالي يكون زمن القفزة كاملة 9 دقائق  ، 9 ثواني .
إن يوم الرابع عشر من اكتوبر لعام 2012م ، كان يوماً لا ينسى ، حيث حطم فليكس الرقم القياسي في القفز من الفضاء ، حيث قفز من على إرتفاع 39 كيلومتر" محطما بذلك رقم جوزف کیتینجر الذي سجله في عام 1960 م من على ارتفاع 31 كم  ، وكان  
زمن سقوطه الحر أي ( من بداية السقوط إلى أن فتح المظلة )  دام فقط 4 دقائق و 22 ثانية ، وقد وصلت سرعته القصوى إلى 1342.8 كم / س ، وبذلك يكون حقق رقم قياسي في أعلى سرعة للإنسان أثناء سقوطه الحر ، وأعلى ارتفاع لسقطة حرة ، و ترك أطول مده سقوط حر لمعلمه ومدربه جوزف کیتینجر .




والخلاصة أن فيلكس كان مطلوب منه تحطيم ثلاثة أرقام أو أهداف ، نجح في اثنين منها ، وفشل في تحطيم الرقم الثالث ، وإليكم التوضيح : - 
1 - قفز من أعلي ارتفاع 39 كم من سطح الأرض ، محطماً الرقم القياسي لجوزف كيتينجر الذي سجله عام 1960 م من ارتفاع 31 كم .
2 - اخترق سرعة الصوت ، حيث وصل سرعته 1342،8 كم / س ، وبهذا كسرسرعة الصوت .
3 - وقد فشل فليكس في تحطيم زمن السقوط الحر والمسجل لأستازه ومدربه جوزف كيتينجر عام 1960 م ، لأن فليكس كان سقوطه الحر ( من بداية سقوطه إلى فتح المظلة ) دام 4 دقائق ، و22 ثانية ، بينما الرقم الذي سجل عام 1960 م لجوزف كيتينجر كان 4 دقائق ، و30 ثانية .


وبهذا تمت رحلة فليكس ، ليضيف نقطة تقدم للغرب ، ويضع نقطة للخلف لنا نحن العرب نحن المسلمون ، نحن أمة القرآن ، فأين نحن يا خير أمة ، أين نحن يا مسلمين ، أين نحن يا أمة محمد صل الله عليه وسلم ، تعالوا نتوحد حول رب واحد ، حول قرآن واحد ونجعله دستورنا ، حول فكر واحد ارضاء الله ثم رسوله ، تعالوا نصلح فى الأرض ولا نفسدها ، تعالوا نقول للغرب بالعمل لا بالقول أننا مثلكم ولسنا عالة عليكم ، تعالوا نثبت لهم أن النجاح والفلاح والعلم والتقدم في طاعة الله ، وحفظ كتابه والعمل بما فيه ، وأن نجعل رسولنا محمد صل الله عليه وسلم قدوتنا في كل كبيرة وصغيرة .
أقسم بالذي رفع السماوات بلا عمد ، لو طهرنا قلوبنا ، وتوحدنا في أفكارنا ، وعبدنا ربنا ، وأخلصنا في أقوالنا وأفعالنا ، وأخرجنا زكاتنا ، وساعدنا محتاجنا ، ووقرنا كبيرنا ، ورحمنا صغيرنا ، وحفظنا قرآننا ، وسنة نبينا ، وحفظنا علي صلاتنا ، وقمنا ليلنا ، وصومنا شهرنا ، وشعرنا بيتيمنا و بأراملنا ، وأقمنا العدل في نفوسنا ، وجعلنا مرضاة الله أسمى أهدافنا ، إذا فعلنا كل هذا سيتغير حالنا ، ونسود العالم من حولنا ، ونحقق مراد ربنا ، ونسعد بحياتنا ومرضاة ربنا ، وفوزنا بجنة ربنا .
ربنا إننا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا ربنا ، وتجاوز عن سيئاتنا ، وخذ بناصيتنا إلى كل ما تحبه وترضاه عنا ، ولا تقبضنا إلا وأنت راض ٍعنا اللهم آميين .
نكتفي بهذا القدر من معلومات حول الجاذبية ، على أن نبدأ الحلقة القادمة في موضوع 
جديد ، أترككم في رعاية الله وآمنه ، علي أمل اللقاء بحضراتكم الأسبوع القادم ، ان كنت من أهل الدنيا ، وإلى هذا الحين 
استودعكم الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الاثنين، 10 مارس 2014




الحلقة العشرون


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : - 
أهلاً ومرحباً بكم لنكمل حديثنا في كتاب الله المنظور ، فعلى بركة الله نبدأ حلقة اليوم ، والتي ستكون عن الجاذبية .
فالجاذبية خلقها الله تعالى وأودعها في طبيعة الأشياء كلها ، فهى تعمل في صمت ، في السماوات والأرض وما بينهما ، ومن المؤكد أننا شعرنا بالجاذبية الأرضية مرات عديدة ، فإذا أمسكنا شيء ما ، وتفلت من أيدينا ، فهو لا محالة ساقط على الأرض بفعل الجاذبية الأرضية ، فكل الأجسام المادية تتجاذب ، وفقاً لقانون الجذب العام ، للعالم البريطاني اسحاق نيوتن . وينص القانون على أن أي كتلتين في الوجود بينهما قوة جذب ، وهذه القوة تتناسب طردياً مع حاصل ضرب الكتلتين المتجاذبتين ، وعكسياً مع مربع المسافة 
بينهما أي أن قوة الجاذبية تزداد بزيادة كل من الكتلتين وتنقص بنقصهما ، كما تزداد بنقص المسافة وتقل بزيادتها ، فالكل يتجاذب وإن لم يظهر إلا أثر الكبير في الصغير ، فالأرض تجذب القمر ، والشمس تجذب الأرض ... وهكذا .




قد يسألني أحدكم ، هل معنى هذا أننى أجذب الأرض أيضاً ؟ .
الإجابة : - نعم وبالتأكيد... ولكنك لا تشعر بهذا ، لأنه شتان الفرق بين كتلتك وكتلة الأرض ، وفي المقابل تجذبك الأرض ومع ذلك فأنت تستطيع التحرك عليها لضآلة جذبها
إن الجاذبية أمر إلهى نافذ على الجميع ، فالطائر يحلق في السماء وعندما يموت يسقط على الأرض ، ورفع الحجر يتطلب مجهود ، والصعود على الجبل أشق من النزول وكل هذا بفعل الجاذبية ، وإذا كانت الجاذبية على الأرض ضئيلة ، فإنها عارمة وجبارة في السماوات ، حيث الكتل الهائلة ولابد أن تتماسك حتى لا ينفرط عقدها ، وإنها تتماسك رغم تباعدها بقوى الجذب المتبادل بينهما .



سؤال : - ما هى فائدة الجاذبية على كوكب الأرض ؟ .
 فالجاذبية الأرضية لها دور كبير فى جذب الغلاف الجوى ، والحفاظ به دائماً في مكانه حول الأرض ، وهكذا شاءت إرادة الله تعالى ، أن تكون كتلة الأرض مناسبة لجذب الغلاف الجوي حولها ، كما شاءت قدرته سبحانه ، أن يكون كوكب الأرض حجمه مناسب ، حتي لا يؤدي الزيادة فى حجمه ، إلى كبر المسافة بين مركز الأرض ومركز الغازات المكونة للغلاف الجوى ، فتقل تبعاً لذلك قوة الجاذبية ويهرب الغلاف الجوي إلى الفضاء ، فالأمر محسوب ودقيق من لدن عليمٍ خبير ، فسبحان من خلق فسوى ، وسبحان من قدر فهدى ،  قال الله تعالى : - ( إنا كل شيء خلقناه بقدر. وما أمرنا إلا واحدة ُ كلمح بالبصر) سورة القمر آيات 49 ، 50 .

سؤال : - ما هى فوائد الجاذبية في السماوات ؟ .
الجاذبية في السماوات لها فوائد عديدة في كل من : -  التكوين ، والرفع ، وتحديد السرعات ، والتوازن ، وإليكم الشرح والتفصيل والتوضيح : - 
1 - التكوين : - لقد أودع الله تعالى في الذرات والجسيمات الكونية الأولية ، سرا هائلاً وهو الجاذبية ، ونتج عن ذلك تكاثف جزيئات المادة حول بعضها البعض ، وكونت نوايا الأجرام السماوية ، واستمر التجاذب بين مواد الكون وأصبح أكثر قدرة على الجذب من مسافات بعيدة ، وبالتالي أخذ كل جرم يجذب ما حوله من جسيمات وهكذا ، حتي حدث الإستقرار في كل من الوزن والحجم والشكل على الصورة التي نألفها الآن ، فإستقرت كتلة القمرمثلاً ، سبعين مليون مليون مليون طن ، وأصبحت كتلة الأرض تعادل 82 قمر ، وبلغت كتلة الشمس نحو 333 ألف أرض .



2 - الرفع : - على قدر ضآلة قوة الجاذبية على كوكب الأرض ، إلا أنها كبيرة جدا في السماوات ، حيث الكتل الهائلة وهى تتماسك رغم تباعدها بقوة الجذب ، التى تمسك أجرام السماء وتمنعها من الإنفراط ، لأن خالق الكون ومدبره لم يأذن بعد بإنفراطها .
وقوة الجاذبية هى القوة الغير مرئية التى يعتمد عليها بناء السماوات ، قال تعالى : - ( الله الذى رفع السماوات بغير عمد ترونها ) سورة الرعد أية 2 .
فالسماوات مرفوعة بأعمدة الجاذبية الغير مرئية ، ولم يكتشف العلم ذلك إلا بعد نزول القرآن الكريم بأكثر من ألف عام .

أوصاف الأرض والسماء في القرآن الكريم ؟ .
وصف الله تعالي الأرض في القرأن الكريم بخمسة صفات وهى كالتالي : - 
1- مهادا : - قال تعالى : - ( ألم نجعل الأرض مهادا ) سورة النبأ أية 6 .
2- بساطاً : - قال تعالى : - ( والله جعل لكم الأرض بساطا ) سورة نوح أية 19 .
3 - فراشا : - قال تعالى ( الذى جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناءً ) سورة البقرة أية 
               22 . 



4- قرارا : - قال تعالي : -( الله الذى جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناءً ) سورة غافر                  أية 64 . 



5 - ذلولا : - قال تعالى : - ( هو الذى جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ) سورة الملك أية 15 .
نلاحظ أن جميع صفات الأرض التي جاءت في القرآن الكريم ، صفات تسخير ، أما السماء فقال الله تعالى عنها أنها بناء قال تعالى : - ( ءأنتم أشد خلقاً أم السماء بناها ) سورة النازعات أية 27 .
وقال تعالى : - ( والسماء وما بناها ) سورة الشمس أية 5 .
نجد أن لفظ البناء يأتي في القرآن لوصف السماء ، بينما لفظ البنيان متعلقاً بما يبني الإنسان على الأرض ، ولهذا الفرق دلالته فالبنيان الذي يصنعه الإنسان على الأرض يتكون من لبنات متجاورات تربطها طبقات أسمنتية مرئية ، أما البناء فى السماء ، فلبناته الأجرام العظمى التى تربطها الجاذبية الغير مرئية ، رغم المسافات الشاسعة بينهما .   

3 - تحديد السرعات : -
الجاذبية لها دور كبير في تحديد سرعة دوران الكوكب حول النجم ، وتحديد سرعة الهروب من جاذبية الكوكب أو النجم ، وإلي حضراتكم التوضيح والتفصيل الشيق .
بالنسبة لسرعة دوران الكوكب حول نجمه : - فالجاذبية هى التى تحدد سرعة دوران الكوكب حول النجم ، فمن المعروف أن الكوكب القريب من النجم ، تكون سرعته أكبرفي دورانه ، حتي لا يجذبه النجم ، وكلما بعدت المسافة بين النجم والكوكب كان أبطء في سرعته ، والكوكب البعيد جداً تكون سرعة دورانه بطيئة جداً ، حتى لا يتفلت من جاذبية 
هذا النجم ، أما بالنسبة لسرعة الهروب من جاذبية الكوكب أو النجم : - فيتحكم فيه قانون الجذب العام فهو الذى يحدد سرعة هروب شيء ما ، من سطح أي كوكب أو نجم ، 



فإطلاق القمر الصناعي ، أوالسفينة الفضائية من سطح الأرض لابد أن يتم بسرعة معينة ، تكفي للتغلب على جاذبية الأرض لها ، أما الأقمار الإصطناعية فتحتاج سرعة لا تقل 
عن 8 كم / ث  ، للهروب من جاذبية الأرض والدوران حولها ، بينما السفينة الفضائية تحتاج سرعة لا تقل عن 11 كم / ث  للهروب من جاذبية الأرض والدوران حول الشمس ، بينما تحتاج هذه السفن إلى سرعة لا تقل عن 40 كم / ث للهروب من جاذبية الشمس لتقع في أسر نجم آخر غيرها .
قال تعالى : - ( يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان ) سورة الرحمن أية 33 .
سؤال : - لماذا نتخيل أن الأقمار الإصطناعية ثابتة فى السماء ؟ .
يرجع ذلك إلى أن سرعة دوران تلك الأقمار الإصطناعية حول الأرض ، هى نفس سرعة دوران الأرض حول نفسها ، والأقمار تدور حول الأرض في مدارات مختلفة حسب أغراضها .

4 - التوازن : - لو أطلق الله تعالى العنان للجاذبية لفسدت السماوات والأرض ، لأن حينئذ ستقوم الأجسام الكبيرة بجذب الأجسام الأصغر منها ، ونجد جزيئات الغلاف الجوي تلتصق بسطح الأرض ، وتقع الأقمار على كواكبها ، والكواكب على نجومها ، والنجوم على ما هو أكبر منها ، وهكذا حتي تتكتل كل مواد الكون في جرم مركزي هائل ، ولكن من رحمة الله بنا بأن جعل قوة مضادة للجاذبية تسمى قوة الطرد المركزي .




ومن المعروف علمياً أن قانون الجذب العام يرغم أجرام السماء على الدوران حول بعضها البعض ، فالقمر يدور حول الأرض ، والأرض حول الشمس ، مما يؤدي إلي إتزانها ، وإذا نظرنا مثلاً إلي دوران القمر حول الأرض كنموزج للإتزان ، نجد أن الأرض تجذب القمر بقوة الجاذبية الأرضية ، ولكن القمر يتغلب على ذلك بقوة الطرد المركزي التي يعانيها أي جسم متحرك في مسار دائري ، ونظراً لأن القوتين متساويين مقداراً ، ومتضادين إتجاهاً ، فهما متعادلتان كما تتعادل كفتي الميزان ، ويظل القمر يدور في مداره فى حالة إتزان إلي ما شاء الله ، من غير أن يقع على الأرض ، قال الله تعالى : - ( ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم ) سورة 
الحج أية 65 ، وقال تعالى : - ( والسماء رفعها ووضع الميزان ) سورة الرحمن أية 7 .

سؤال : - ماذا يحدث لو انعدمت الجاذبية ؟ .
على المستوى الكوني : - ينفرط العقد وينهار البناء ، وينتهى كل شيء .
على مستوى أرضنا : -  فإن كل شيء على الأرض يتركها ويندفع في الفضاء ، حتي سطحها نفسه يتخلى عنها ، حتي مجرد دورانها يبددها إلى أجزاء تتناثر وتتطاير فى 
الهواء، والآن تعالوا معي نتخيل ماذا يحدث لو أن غرفة خلت بطريقة ما من الجاذبية ؟ .
في هذه الحالة يمكننا أن نسير على السقف أو الجدران ، بالسهوله نفسها التي نسير بها على سطح الأرض دون خشية السقوط ، كما أننا لا نستطيع صب الماء من الإناء في كوب ، بل أننا لا نحتاج لذلك ، بل يكفينا أن نترك قبضة من الماء في الهواء كي تظل معلقة به ، ويمكننا بسهولة أن نحمل مكتب ثقيل أو ثلاجة بإصبع واحد لنضعه على السقف حيث يستقر عليه ، بل يمكننا أن نخلع معطفنا أو الجاكت ونعلقه على لا شيء ،



 ويمكننا بسهولة أن نضع فيل وزنه على الأرض سته طن نضعه على الأنف ونجعله في 
تمام الإتوان ......إن هذه الأمور طبيعية جداً في منطقة إنعدام الوزن ، والتي تبدأ من إرتفاع 3200 كم فوق سطح الأرض ، كلنا نعلم أن الجاذبية تتناسب عكسي مع مربع البعد عن مركز الأرض ، ولذلك إذا ارتفع جسم ما إلى مسافة كبيرة فوق سطح الأرض ، فإن تأثير الجاذبية عليه تقل ، وعندما يصل إلى ارتفاع 3200 كم ، يتلاشى تماماً تأثير الجاذبية عليه ، ولذلك نجد في سفينة الفضاء إذا أراد رائد الفضاء أن يمشي يكفيه ضغطة من قدمه على أرض المركبة ليرتفع إلي السقف ، وإذا أراد النوم فإن حركة الشهيق والزفير كفيلة بأن ترفعه إلى السرير للنوم .

والآن تعالوا معى نتأمل قليلاً فى نعمة الجاذبية الأرضية : -
ما أكثر الآيات التي نمر عليها ونحن غافلون عنها ، وما أكثر الحقائق العلمية التي اكتشفها العلماء وقد جاء الحديث عنها في القرآن الكريم بكل دقة وبيان .
فقد طرح القرآن الكريم العديد من الأسئلة على أولئك المشككين ، وذكَّرهم بنعمة الله ، وأنه هو الذي سخر لهم هذه النعم . ومن ذلك قول الله تعالى : - ( أَمَّنْ جَعَلَ الأرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَءلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) سورة النمل أية 61 ، فهذه الأية القرآنية توجه عدة أسئلة لهؤلاء المعرضين الذين جحدوا بنعمة الله : - مَن الذي جعل لكم الأرض قراراً أي مكاناً تستقرون فيه ؟.... ومن الذي خلق لكم هذه الأنهار ؟ .....  ومن الذي خلق لكم الجبال  ؟ ...... ومن الذي جعل لكم البرزخ بين البحار ؟...... والحقيقة أن كل هذه الحقائق العلمية لم تكن مكتشفة زمن نزول القرآن الكريم ، وعلى الرغم من ذلك أمر الله هؤلاء أن يفكروا فيها ليدركوا الأسرار الخفية وراءها .



ومن رحمة الله بعباده أن جعل كوكب الأرض له جاذبية محدوده مناسبة للحياة ، ولو كانت جاذبية الأرض أقل مما هي عليه (مثل القمر) فإن الإنسان سيطير في الهواء عندما يبذل أي جهد ، ولو كانت الجاذبية أكبر مما هي عليه (مثل المشتري) لإلتصق الإنسان بالأرض ، ولم يعد قادراً على الحركة ، لقد بدأ الإنسان يشعر بنعمة الجاذبية فقط منذ عام 1961م ، عندما أبلغ رائد الفضاء الروسي Gherman Titov عن أول حالة مرض فضاء ، وذلك بعد خروجه خارج الأرض لمدة 25 ساعة. حيث حدث له إغماء واضطرابات كثيرة في الرؤية ، والسمع ، والإدراك، واضطربات  في الجهاز العصبي ، يقول العلماء : - إن الإنسان بمجرد خروجه من الجاذبية الأرضية يُصاب بأمراض الفضاء على الفور، وأول ما يُصاب لديه حاسة البصر، التي تختل ويرى الأشياء من حوله وكأنها تدور، ويشعر وكأنه  سكران ، بل إنه يتخيل أشياء ليست حقيقية وكأنه 
مسحور بالفعل ، فعندما نغادر الغلاف الجوي نرى ظلاماً دامساً ، ونشعر وكأن أبصارنا قد أُغلق تماماً وهذا ما عبر عنه القرآن الكريم  بقوله تعالى : - ( لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بل نحن قوم مسحورون) سورة الحجر أية 15، ولقد وصف لنا القرآن الكريم بدقة مذهلة ما يراه رائد الفضاء قبل أربعةعشر قرناً 



إن أحد رواد الفضاء عندما سئل ، كيف كنتَ ترى الأشياء في الفضاء قال : - كنتُ أشعر بأن العالم يدور من حولي ، كما أن أحد رواد الفضاء في وكالة ناسا استيقظ ليلاً وهو على مركبته ، فرأى ساعة يد تعوم أمامه وبدأ يفكر من أين جاءت ، وبعد فترة استوعب أن هذه الساعة موجودة في يده ، وبالتالي فإن الجسم يفقد التنسيق بين الأذن والعين ، ويشعر رائد الفضاء وكأن حاسة البصر مخدَّرة لا تستطيع التجاوب مع حاسة السمع .
والعجيب أننا نجد بعض البشر يتكبرون على خالقهم ورازقهم سبحانه وتعالى ، ومن غرائب ما قرأت أن كثير من الحيوانات والحشرات لديها القدرة على التأقلم مع حالة انعدام الجاذبية ، بل إن الفئران والصراصير أكثر قدرة من الإنسان على العيش في 
الفضاء ، وأخيراً هل أدركنا بعد هذه الحقائق أهمية الجاذبية ، وهل أدركنا أن الأرض هي فعلاً بيت ومهد لنا كما قال الله تعالى في كتابه العزيز : -  (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) سورة الزخرف أية 10.
هذه النعم بمجرد أن نخرج خارج الأرض ، سوف نفقدها على الفور بل ونصاب 
بأمراض عديدة ، فالحمد لله على نعمة الجاذبية ، اللهم لك الحمد حتى ترضى ، ولك الحمد إذا رضيت ، ولك الحمد بعد الرضى ، ولك الحمد على كل حال ، ربنا ما عبدناك حق عبادتك ، فاغفر لنا ذنوبنا ، وتجاوز عن سيئاتنا ، ولا تقبضنا إلا وأنت راضٍ عنا ، اللهم آميين ، اللهم آميين .
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية حلقة اليوم ، أترككم على أمل اللقاء بكم الأسبوع القادم ، مع حلقة جديدة ، إذا كنت من أهل الدنيا .
أستودعكم الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الحلقة الثلاثون  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : - أهلاً ومرحباً بكم ، لنكمل حديثنا في كتاب الله المنظور ، فعلى بركة الله نبدأ حلقة ...