الأربعاء، 19 مارس 2014


الحلقة الحادية والعشرون 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : -
أهلاً ومرحباً بكم لنكمل حديثنا في كتاب الله المنظور ،  فعلى بركة الله نبدأ حلقة اليوم ، والتي سنكمل فيها حديثنا عن الجاذبية ، وخاصة الجاذبية الارضية .
والآن تعالوا معى نستمع ماذا يقول علماء الفضاء عن تجربتهم عندما خرجوا إلى الفضاء
تقول الدكتورة / كاثلين كولين Kathleen Cullen من المعهد الطبي لأبحاث الفضاء ، مفسرة  ما يحدث لرائد الفضاء عندما يخرج من نطاق جاذبية الأرض تقول : - إننا ندرك العالم من حولنا من خلال دمج المعلومات السمعية والبصرية ، وتحدث المشكلة عندما يحدث تعارض بين السمع والبصر ويسمى "التضارب الحسي" والذي يسبب 
الغثيان أو مرض الفضاء ، ويصف لنا رواد الفضاء الذين عادوا إلى الأرض إحساسهم ويقولون :  - منذ اللحظة الأولى لخروجنا من نطاق جاذبية الأرض ، بدأ الخداع البصري ، وبدأت أعيننا تدخل في حالة من الوهم والتخيل ، فكنا لا نميز بين الأعلى والأسفل ، كنا أشبه بإنسان مسحور، حتى إن أحد رواد الفضاء أفاق من نومه وهو داخل مركبته فرأى الأرض فوقه بدلاً من أن يراها تحته كما تعود على ذلك ، فأغمي عليه وتقيَّأ وتتابع قولها : - إن الأعراض التي يشعر بها رواد الفضاء هي نفسها التي يعاني منها من أفرط في شرب المسكرات ، لأن شرب الخمر يؤدي إلى فقدان التنسيق بين حاسة البصر وحاسة السمع ، وبالتالي يشعر رائد الفضاء وكأنه سكران .
ثم تقول : - إن العديد من الناس على الأرض عاشوا نفس الإحساس الذي يحسه رائد الفضاء ، وذلك عندما يشربون كمية من الخمور، ولكن مع فارق بسيط وهو أن الخمر يؤثر أكثر على حاسة السمع ، أما انعدام الوزن فإنه يؤثر على حاسة البصر، هناك أمر آخر وهو أن الذي يسكر على الأرض يستطيع أن يفيق من ذلك بعد يوم مثلاً ، أما في الفضاء فيكون في حالة سكر دائم .




والسؤال هنا أحبتي في الله : - أليس هذا ما قاله القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرناً ؟ .
 قال الله تعالى : - (ولو فتحنا عليهم باباً من السماء فظلوا فيه يعرجون .  لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بل نحن قوم مسحورون ) سورة الحجر أيآت 14 ، 15 ،  وكلمة
(سُكِّرَتْ) جاءت من فعل (سَكَرَ) أي حُبست عن النظر أو غُشِّيت وغُطِّيت ، وكل هذه المعاني صحيحة وتنطبق على ما يشعر به رائد الفضاء ، ومن معاني (سُكِّرَتْ) أُغلقت ، والحقيقة في اللحظة التي يغادر فيها رائد الفضاء الأرض يجد الكون غارق في الظلام الدامس فلا يرى شيئاً ، وهذا من عظمة كتاب الله تعالي ، إن رواد الفضاء الذين عادوا
من رحلاتهم يصفون شعورهم وكأن أبصارهم قد أُغلقت ، وبالتالي فإن كلمة (سُكِّرَتْ) تناسب جميع الحالات التي يشعر بها كل من يخرج إلي الفضاء الخارجي ، إننا لا نشعر 
بنعمة الجاذبية إلا عندما نغادر الأرض ، وهذا ما يشكو منه رواد الفضاء ، حيث يقول العلماء الذين صعدوا إلى الفضاء الخارجي وعاشوا حالة انعدام الجاذبية : - 




1- إننا نعاني من أمراض كثيرة مثل : - الغثيان ، وصعود الدم للأعلى في الجسد بدلاً من الأسفل وبالتالي انتفاخ الوجه ، أما العظام فتفقد جزءاً من الكالسيوم ، وبالتالي فإن الذي يعيش في الفضاء يُصاب بهشاشة العظام .
2- نتيجة لعدم الإستقرار وغياب الجاذبية ، فإن الدورة الدموية ستضطرب وتتكون حصوات في الكلية ، ويتباطأ تقلص الأمعاء مما يعيق عملية هضم الطعام ، وسوف يرتفع لديه ضغط الدم ، وسرّعة في نبضات القلب ، مما يسبب له مشاكل في نظام عمل القلب ، تبقى لمدة أشهر حتى بعد عودته إلى الأرض .
3- سوف يختلف إيقاع الجسم الطبيعي بسبب فقدان طلوع الشمس وغروبها ، فالظلام يخيم على كل شيء في الفضاء ، وبالتالي سوف تختل دورة الجسم ونظامه ، ولا يعود قادراً على فعل شيء ، كما أن الأشعة الكونية القاتلة سوف تؤثر عليه وتسبب أذى لجهازه العصبي ، وقد يُصاب بأورام خبيثة نتيجة هذه الإشعاعات .



4- يعاني كل من يفقد الجاذبية ويعيش في الفضاء من قلة النوم ، لأنه فقد الجاذبية التي تجعل رأسه مستقراً على الفراش أثناء النوم ، فهو يشعر وكأنه يسبح في سائل ما ، ولذلك لا يتمكن من النوم إلا بصعوبة ، وسوف يضعف لديه نظام المناعة .


5- سوف تحدث اضطرابات عديدة في القلب ، لأنه سيعمل أكثر، فالجاذبية الأرضية تساعد القلب على ضخ الدم ، وعند غياب الجاذبية ، فإن القلب سيبذل جهداً أكبر، مما يُضعف عضلة القلب ، بل إن الدكتور William Evans من وكالة ناسا للفضاء يقول إن الخروج خارج الأرض هو بمثابة "كابوس طبي" حيث يعجز الطب عن علاج الأمراض الناتجة عن انعدام الجاذبية ، وكذلك فإن الذي يعيش في الفضاء بعيداً عن 
جاذبية الأرض ، يعاني من صعوبة التبول لأن السوائل تبقى معلقة وملتصقة بجسده ولا تنزل للأسفل ، وبالتالي فإن أبسط الأشياء سوف تختل .  

مشاعر رواد الفضاء
إن رواد الفضاء عندما يعودون إلى الأرض يشعرون وكأنهم عادوا إلى بيتهم ، ولذلك فإن الله تعالى وصف لنا هذا الإحساس عندما وصف الأرض بأنها كالمهد بالنسبة للإنسان ، والمهد هو السرير الذي ينام عليه الطفل ويستقر ، قال الله تعالى : - ( الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى) سورة طه أية 53.
وقال تعالى : - (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ مَهْدًا وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) سورة الزخرف أية 10، وقال تعالى : - ( أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهَادًا ) سورة النبأ أية 6 .
تأملوا معي كيف يصف الله الأرض بأنها مهد ، ثم يذكرنا بنعمة عظيمة يفقدها الإنسان أيضاً في الفضاء وهي : - (وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) ، فقد جعل الله في الأرض طرقاً وأشياء نهتدي بها ، أما الإنسان في الفضاء فلا يستطيع التوجه ، لأنه محاط بظلام دامس من كل مكان ، والذي يوجهه هو قوة الجاذبية فقط ، فتأملوا هذه النعمة (نعمة التوجه) التي نستخدمها كل يوم ولا نشعر بقيمتها إلا عندما نفقدها .
ويؤكد العلماء في أقوالهم بأن الإنسان لن يستطيع الذهاب بعيداً في الفضاء بسبب الخطر الناجم عن الأشعة الكونية الخطيرة ، والتي تخترق أي جسم وتصل إلى أعماق الخلايا عند الإنسان ، وبالتالي فإن الموت سيكون المصير الطبيعي لمن يحاول الإبتعاد عن الأرض كثيراً ، وربما نتذكر في هذا الموقف قول الحق تبارك وتعالى : - ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ * فَبِأَيِّ آَلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) سورة الرحمن أية33-34 .

سؤال : - ماذا حدث في مغامرة فليكس بقفزه من ارتفاع 39 كم من سطح الأرض ، وكيف صعد ، وكم من الوقت استغرق حتي وصل إلي هذا الإرتفاع ؟ ، وكم من الوقت استغرق حتى هبط إلى الأرض ؟ وما دور الجاذبية الأرضية في ذلك ؟ .



فليكس باومجارتنر ، ولد في سالزبورج بالنمسا في20 أبريل 1969م ، رائد فضاء وقافز مظلات نمساوي , اشتهر بأعماله المثيرة الخطيرة , قضى خمس سنوات في الجيش النمساوي حيث كان يمارس القفز بالمظلة , بما في ذلك الهبوط على أراضي ذات مساحة
ضيقة ، وفي عام 2012 م  وبالتحديد في يوم 14 اكتوبر ،  سجل فليكس رقما عالميا في القفز من ارتفاع 39 كم ، من طبقة ستراتوسفير ، ووصلت سرعته 1342 كم / س ، مخترقا بذلك سرعة الصوت في الهواء ، حيث أن سرعة الصوت 1242 كم / س .
هذا وكان قد صعد بمنطاد مملوء بغاز الهيليوم الخفيف إلى طبقة الستراتوسفير، واستغرق صعوده بالمنطاد ساعتين ونصف ، ثم قفز أولاً قفزة للسقوط الحر أي بدون المظلة بسرعة تعدت سرعة الصوت . وقبل وصوله إلى الأرض ب 1،5 كم ، فتح المظلة ووصل إلى الأرض في صحراء نيومكسيكو بالولايات المتحدة الأمريكية  ، مسجلا بذلك أعلى سرعة للسقوط الحر ، وأعلى ارتفاع وصل إليه الإنسان بواسطة منطاد .


وأثناء رحلة الهبوط إلي الأرض قطع مسافة 37،5 كم الأولى من قفزته في سقوط حر بدون استعمال المظلة ، في زمن قدره  4 دقائق و22 ثانية ، ثم فتح المظلة في آخر 1،5 كم وقطع هذه المسافة في زمن 4 دقائق و47 ثانية ، وبالتالي يكون زمن القفزة كاملة 9 دقائق  ، 9 ثواني .
إن يوم الرابع عشر من اكتوبر لعام 2012م ، كان يوماً لا ينسى ، حيث حطم فليكس الرقم القياسي في القفز من الفضاء ، حيث قفز من على إرتفاع 39 كيلومتر" محطما بذلك رقم جوزف کیتینجر الذي سجله في عام 1960 م من على ارتفاع 31 كم  ، وكان  
زمن سقوطه الحر أي ( من بداية السقوط إلى أن فتح المظلة )  دام فقط 4 دقائق و 22 ثانية ، وقد وصلت سرعته القصوى إلى 1342.8 كم / س ، وبذلك يكون حقق رقم قياسي في أعلى سرعة للإنسان أثناء سقوطه الحر ، وأعلى ارتفاع لسقطة حرة ، و ترك أطول مده سقوط حر لمعلمه ومدربه جوزف کیتینجر .




والخلاصة أن فيلكس كان مطلوب منه تحطيم ثلاثة أرقام أو أهداف ، نجح في اثنين منها ، وفشل في تحطيم الرقم الثالث ، وإليكم التوضيح : - 
1 - قفز من أعلي ارتفاع 39 كم من سطح الأرض ، محطماً الرقم القياسي لجوزف كيتينجر الذي سجله عام 1960 م من ارتفاع 31 كم .
2 - اخترق سرعة الصوت ، حيث وصل سرعته 1342،8 كم / س ، وبهذا كسرسرعة الصوت .
3 - وقد فشل فليكس في تحطيم زمن السقوط الحر والمسجل لأستازه ومدربه جوزف كيتينجر عام 1960 م ، لأن فليكس كان سقوطه الحر ( من بداية سقوطه إلى فتح المظلة ) دام 4 دقائق ، و22 ثانية ، بينما الرقم الذي سجل عام 1960 م لجوزف كيتينجر كان 4 دقائق ، و30 ثانية .


وبهذا تمت رحلة فليكس ، ليضيف نقطة تقدم للغرب ، ويضع نقطة للخلف لنا نحن العرب نحن المسلمون ، نحن أمة القرآن ، فأين نحن يا خير أمة ، أين نحن يا مسلمين ، أين نحن يا أمة محمد صل الله عليه وسلم ، تعالوا نتوحد حول رب واحد ، حول قرآن واحد ونجعله دستورنا ، حول فكر واحد ارضاء الله ثم رسوله ، تعالوا نصلح فى الأرض ولا نفسدها ، تعالوا نقول للغرب بالعمل لا بالقول أننا مثلكم ولسنا عالة عليكم ، تعالوا نثبت لهم أن النجاح والفلاح والعلم والتقدم في طاعة الله ، وحفظ كتابه والعمل بما فيه ، وأن نجعل رسولنا محمد صل الله عليه وسلم قدوتنا في كل كبيرة وصغيرة .
أقسم بالذي رفع السماوات بلا عمد ، لو طهرنا قلوبنا ، وتوحدنا في أفكارنا ، وعبدنا ربنا ، وأخلصنا في أقوالنا وأفعالنا ، وأخرجنا زكاتنا ، وساعدنا محتاجنا ، ووقرنا كبيرنا ، ورحمنا صغيرنا ، وحفظنا قرآننا ، وسنة نبينا ، وحفظنا علي صلاتنا ، وقمنا ليلنا ، وصومنا شهرنا ، وشعرنا بيتيمنا و بأراملنا ، وأقمنا العدل في نفوسنا ، وجعلنا مرضاة الله أسمى أهدافنا ، إذا فعلنا كل هذا سيتغير حالنا ، ونسود العالم من حولنا ، ونحقق مراد ربنا ، ونسعد بحياتنا ومرضاة ربنا ، وفوزنا بجنة ربنا .
ربنا إننا ظلمنا أنفسنا فاغفر لنا ربنا ، وتجاوز عن سيئاتنا ، وخذ بناصيتنا إلى كل ما تحبه وترضاه عنا ، ولا تقبضنا إلا وأنت راض ٍعنا اللهم آميين .
نكتفي بهذا القدر من معلومات حول الجاذبية ، على أن نبدأ الحلقة القادمة في موضوع 
جديد ، أترككم في رعاية الله وآمنه ، علي أمل اللقاء بحضراتكم الأسبوع القادم ، ان كنت من أهل الدنيا ، وإلى هذا الحين 
استودعكم الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

ليست هناك تعليقات:

الحلقة الثلاثون  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : - أهلاً ومرحباً بكم ، لنكمل حديثنا في كتاب الله المنظور ، فعلى بركة الله نبدأ حلقة ...