الاثنين، 24 مارس 2014


الحلقة الثانية والعشرون


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : -
أهلاً ومرحباً بكم لنكمل حديثا في كتاب الله المنظور، فعلى بركة الله نبدأ حلقة اليوم ، والتي سنتكلم فيها عن أية من آيات الله التي وهبنا إياها ، لتستمر الحياة على كوكب الأرض ، ألا وهي نعمة إرسال الرياح .
فالرياح ماهى إلا هواء متحرك ، ومن خصائص الهواء أنه مائع أي قادرعلى التحرك من منطقة الضغط العالى إلى منطقة الضغط المنخفض ، دون مراعاة لحدود دول ، أوحاجة إلى جواز سفر وتأشيرة دخول ، فعندما تقوم الشمس بتسخين منطقة معينة من الأرض ، فترتفع درجة حرارة الهواء فيها ويبدأ بالإرتفاع إلى طبقات الجو العليا بسرعة كبيرة ، لأن حجم الهواء الحار أخف من حجم الهواء البارد ، وعندما يرتفع الهواء الحار الأخف فجأة تنخفض كثافة الهواء ، ويصبح ضغطه منخفض ، والعكس صحيح فالمناطق الباردة درجة حرارتها منخفضة ، وبالتالى يتركز الهواء في الطبقات السفلى ، وينتج عن ذلك ارتفاع كثافة الهواء ويصبح ضغطه مرتفعاً ،وبالتالى تتدفق تيارات هوائية أبرد بسرعة ، لسدّ الفراغ الذي تركه الهواء الحار وراءه .


وبهذا يتغير الضغط الجوي على سطح الأرض من منطقة إلى أخرى ، فتهب الرياح وتتوقف شدتها واتجاهها بناءاً على الفرق بين ضغطى المنطقتين ، وتتحدد شدة الرياح عادة حسب سرعتها ، فقد تكون نسيماً سرعته لا تتجاوز واحد ميل / س ، أو تكون إعصار مدمر تزيد سرعته عن 70 ميل / س ، علماً بأن الميل = 1،6 كم تقريباً .

 وقد أشار القرآن الكريم إلى درجات الريح المختلفة ، واسمائها وهي كالتالي : -
1 - ريح طيبة أى لطيفة قال الله تعالى : - ( حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة ) سورة يونس أية 22، وهذا النوع من الريح يسمى علمياً من نسيم خفيف إلى رياح شديدة  ، وتبلغ متوسط سرعتها من 1 - 31 ميل / س .


2 -  عاصفة قال تعالى : - ( ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها وكنا بكل شيء عالمين ) سورة الأنبياء أية 81 ، وتسمى علمياً عاصفة غيرمكتملة ، وتبلغ سرعتها من 32 - 38 ميل / س .


3 - حاصب وهى التى ترمى بالحصباء أي الحصا ، قال الله تعالى : - ( أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصباً ) سورة الإسراء أية 68 ، وتسمى علمياً عاصفة وتبلغ سرعتها من 39 - 46 ميل / س .

4 - صرصرٍ وهى ريح شديدة الصوت ، قال الله تعالى : - ( وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية ) سورة الحاقة أية 6 ، والأسم العلمي لها عاصفة شديدة ، وتبلغ سرعتها من 47 - 54 ميل / س .


5 - قاصف أي ريح كاسرة ، قال تعالى : - ( أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفاً من الريح فيغرقكم بما كفرتم ) سورة الإسراء أية 69 ، والاسم العلمى لها زوبعة ، وتبلغ سرعتها من 55 - 63 ميل / س .


6 - عاتية أي ريح متجاوزة الحد ، قال الله تعالى : - ( وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية ) سورة الحاقة أية 6 ، والاسم العلمى لها زوبعة هوجاء ، وتبلغ سرعتها من 64 - 72 ميل / س .

7 - إعصار وهى ريح جبارة تنعكس من الأرض إلى السماء على هيئة مخروط عظيم ، مثل إعصار التنين الطائر قال تعالى : - ( فأصابها إعصار فيه نار ) سورة البقرة أية 266 ، والاسم العلمى لها إعصار ، وسرعتها أكثر من 72 ميل / س .

إعصار التنين الطائر طبعا هو ليس تنين ، بل إعصار على هيئة نافورة ماء تشبه قمع قطره حوالى 50 متر ، وارتفاعه حوالى 300 متر يتدلى من السحب إلى سطح البحر ، وقد يحدث في جداره تفريغ كهربائي مستمر فيبدوا وكأنه يشتعل نار ، يحدث ذلك في شرقي البحر المتوسط خلال موسم الشتاء .

سؤال : - سمعت أن السماء أحياناً تمطر سمكاً ؟ فهل هذا صحيح ؟ وكيف يحدث هذا ؟ .
نعم قد تمطر السماء أحياناً سمكاً ، ويحدث هذا عند حدوث إعصارفالرياح تاخذ شكل قمع أو مخروط كبير ، فقد يسحب الإعصار ماء البحر وما فيه من سمك صغير وترفعه إلي السحب ، وعندما تهدأ العاصفة يتساقط السمك مع المطر .


سؤال ما فائدة الرياح على سطح الأرض ؟ .
الرياح لها فوائد كثيرة ، لعل من أهمها الفائدتين التاليتين وهما : -
1 - تنظيم درجات الحرارة على سطح الأرض : - حيث تقوم الرياح بنقل درجات الحرارة من مناطق وفرتها إلى مناطق ندرتها عند القطبين ، وبذلك لا تسود فروق عظمى من درجات الحرارة تفنى معها الحياة على سطح الأرض .
2 - إثارة السحب وتلقيحها : - فالرياح تثير السحب بعد خفائها ، ثم يسوقها الله تعالى حيث يشاء قال تعالى : - ( والله الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور ) سورة فاطر أية 9 ، ومعنى الإثارة في اللغة السطوع والظهور وهذا ما يحدث فالرياح تظهر السحب بعد خفائها .

سؤال كيف للرياح أن تظهر السحب ؟ .
السحب تتكون من بخار الماء الموجود في الهواء ، والناتج عن تسخين الشمس لمياه الأرض ، وهذا البخار غير مرئي في الظروف العادية ، فيأتي دور الرياح فتظهره بطريقتين وهما : -
الأولى : - حمله إلى مناطق تكثيفه ، في طبقات الجو العليا الباردة .
الثانية : - تزويد السحب بنوى التكاثف كذرات الغبار والأيونات ، وهى ذرات مشحونه كهربائياً قال الله تعالى : - ( وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماء فأسقيناكموه وما أنتم له بخازنين ) سورة الحجر أية 22 .

فالرياح تلقح السحب بطريقتين : - إما أن تمدها بنوى التكاثف كما قلت سابقاً ، أو تلقحها كهربائياً بالجمع بين الشحنات الكهربائية الموجبة والسالبة الموجودتين في السحب ، وإحداث تفريغ كهربائي وما يصحبه من برق ورعد ، وبالتالي فإن لفظ لواقح في الأية القرآنية تشير إلى تلقيح السحب كهربائياً ، وليس تلقيح النبات كما قالوا المفسرون القدامى الذين أغفلوا النصف الآخير من الأية القرآنية ، فالله تعالى رتب إنزال الماء من السماء بعد إرسال الرياح لواقح ، والفاء في قوله ( فأنزلنا ) تفيد الترتيب والتعقيب ، فالتلقيح المقصود في الأية بين قطرات وقطرات أو بين سحب وسحب ، وهو ما يؤكد سياق الأية من نزول الماء نتيجة لتلقيح السحب ، والله أعلم .

سؤال : - ما الفرق بين السحاب والضباب ؟ وما هى أنواع السحب ؟ وكيف تمكن العلماء من دراسة السحب ؟ وتقسيمها إلى عدة مناطق ؟ .
السحب عبارة عن بخار ماء متكثف في طبقات الجو العليا لإرتفاع يصل إلى 18 كم .
والسحاب والضباب كلاهما بخار ماء متكثف ، ولكن السحاب في طبقات الجو العليا ، والضباب في طبقات الجو السفلى .


يوجد نوعان من السحب وهما كالتالى : - 
النوع الأول سحب بساطية : - وهى تتكون بالنمو الأفقي وتشبه البساط ومن هنا جاء اسمها ، وقد تحدث القرآن الكريم عن هذا النوع من السحب ، قال تعالى : - ( الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فيبسطه في السماء كيف يشاء ) سورة الروم أية 48 ، أي أن الله تعالى يرسل الرياح ، والتي بدورها تعمل على إظهار السحب ، فيبسطها الله سبحانه وتعالى في السماء كما يشاء .


النوع الثاني سحب ركامية : - وهى تتكون بالنمو الرأسي ، وتشبه الجبال ، وتمتد من قرب سطح الأرض حيث درجة الحرارة حوالي 20 درجة مئوية إلى أكثر من 15 كم رأسياً إلي نهاية طبقة التروبوسفير ، حيث تنخفض درجة الحرارة إلي 40 درجة تحت الصفر ، وقد تحدث القرآن الكريم عن هذا النوع من السحب ، قال تعالى : - ( ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاماً فتري الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار ) سورة النور أية 43 ، والمقصود بالبّرد هو بلورات الثلج .


وحديثاً تمكن العلماء من دراسة السحب الركامية التي تشبه الجبال بإستخدام الرّدار، وتبين أن السحابه الركامية تتألف من وحدات صغيرة ، يتم تجمع كل اثنين أو أكثر منها لتكوين السحابه .
وقام العلماء بتقسيم السحابة الركامية إلى ثلاثة مناطق وهى كالتالي : - 
1 - المنطقة العليا : - وهى منطقة بلورات الثلج ( البّرد ) .
2 - المنطقة الوسطى : - وهى منطقة نقط الماء فوق المبّرد .
3 - المنطقة السفلى : - وهى منطقة نقط الماء الكبيرة النامية ، ويشير القرآن الكريم إلى المنطقة السفلي في قول الله تعالى : - ( فترى الودق يخرج من خلاله ) سورة الروم أية 48 ، والودق هو نقط الماء الكبيرة المتنامية .

سؤال : - هل للرياح استخدامات أخري في حياتنا ؟ .
تعتبر طاقة الرياح آمنة ، فضلا عن أنها طاقة متجددة ، وهي طاقة بيئية لا يصدر منها ملوثات مضرة بالبيئة ، ويتجه العالم الآن بعد ظاهرة الإحتباس الحراري والتلوث ، لإعتماد مصادر الطاقة المتجددة كمصادر طاقة بديلة ، والطاقة المنتجة من الرياح هي مصدر الطاقة المتجددة الأقل تكلفة والأكثر تبشيراً بالنجاح ، وقد استطاع الإنسان في استخدام طاقه الرياح فى تحريك الأشياء والإستفاده منها ، ويتم تحويل حركة الرياح إلى شكل آخر من أشكال الطاقة سهلة الإستخدام ، غالبا كهربائية وذلك باستخدام مروحيات .

كيف تبدا طاقة الرياح ؟
تبدأ الطاقة الناتجة عن الريح أولاً من الشمس ، فعندما تقوم الشمس بتسخين منطقة معينة من الأرض ، فترتفع درجة حرارة الهواء و يبدأ هذا الهواء الحار بالارتفاع إلى طبقات الجو العليا بسرعة كبيرة ، لأن حجم الهواء الحار أخف من حجم الهواء البارد ، وعندما يرتفع الهواء الحار الأخف فجأة ، تتدفق تيارات هوائية أبرد بسرعة ، لسدّ الفراغ الذي تركه الهواء الحار وراءه .
فإذا قمنا بوضع جسم ما ، مثل طاحونة الهواء في طريق تلك الريح ، فستقوم الريح بدفعها ، محولة بعض من طاقتها الحركية إلي طاحونة الهواء ، وبهذه الطريقة يستمد توربين الرياح الطاقة من الريح ويحدث نفس هذا الأمر مع المركب الشراعي عندما يدفع الهواء المتحرّك الشراع ويتسبّب بتحرك المركب
تكنولوجيا استخدام الرياح لتوليد الطاقة الكهربائية
تكنولوجيا استخدام الرياح لتوليد الطاقة الكهربائية هي أسرع مصادر توليد الكهرباء الجديدة نمواً على الصعيد العالمي ، ويتم إنتاج الطاقة من الرياح بواسطة محركات (أو تربينات) ذات ثلاثة أذرع تديرها الرياح ، وتعمل كما تعمل المراوح ،ولكن بطريقة عكسية فبدل استخدام الكهرباء لإنتاج الرياح كما تفعل المراوح ، تقوم هذه التربينات باستعمال الرياح لإنتاج الطاقة .


مميزات وعيوب طاقه الرياح
طاقة الرياح متجددة ولا ينتج عنها غازات تسبب ظاهرة تلوث ، مثل ثاني أكسيد الكربون أو أكسيد النتريك أو الميثان ، وبالتالي فإن تأثيرها الضار بالبيئة طفيف جداً ، وغير هذا أن 95% من الأراضي المستخدمة كحقول للرياح يمكن استخدامها في أغراض أخرى مثل الزراعة أو الرعي ، كما يمكن وضع التوربينات فوق المباني .
أما بالنسبة لعيوبها فالتأثير البصري لدوران التوربينات ، والضوضاء الصادرة عنها قد تزعج الأشخاص القاطنين بجوار حقول الرياح ، ولتقليل هذه التأثيرات يفضل إنشاء حقول الرياح في مناطق بعيدة عن المناطق السكنية ، وقد تتسبب التوربينات العملاقة أحيانًا في قتل بعض الطيور خاصة أثناء فترات هجرتهم ، ويتم حاليًا دراسة تأثيرها على انقراض بعض أنواع الطيور، ولكن النتائج المبدئية تشير إلى أن التوربينات ليس 
لها هذا التأثير الشديد ، وتعتبر الدانمارك أكثر البلدان استغلالا لطاقة الرياح منذ عام 2009م ، تليها أسبانيا ثم البرتغال ، وأخيرا يمكن القول أن طاقة الرياح من الطاقات التي يمكن تطبيق استخدامها بسهولة في عالمنا العربي ، لتقليل نسب التلوث التي بدأت تتزايد ، ورغم أن الفكرة بدأ تطبيقها فعلاً في بعض الدول العربية إلا أن المطلوب نشر التجربة في باقي الدول ، اسأل الله تعالى أن يجمع العرب بل المسلمين جميعاً على كلمة الحق ، وأن يأخذ بناصيتهم إلى كل ما يحبه ويرضاه ، اللهم آميين .
سؤال : - السحب لها وظيفة اساسية وهى اسقاط المطر ، فكيف يتم ذلك ؟ .
إنها آية من آيات الله على كوكبنا الحبيب الأرض ، وتكفله سبحانه وتعالى بحماية مخلوقاته ، وما دورة الماء في الطبيعة سوى مصنع للمطر ، بل من أعظم المصانع وأضخمها وأكثرها أهمية وأعقدها تقنية

وسؤالى لكم جميعاً ، أتعلمون من هم العاملون في ذلك المصنع ؟ .
إنهم خمسة : - شمس مسخرة ، وبحر ذلول ، وريح مرسلة ، وسحب مزجاة ، ورواسي  
شامخات ، تعمل كلها في تناسق وتناغم طاعة لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، بحسابات دقيقة ومحكمة ومقدره من لدن عليم خبير لإنجازعمل عظيم ، إن هذا الإنجاز العظيم يتمثل في أربعة خطوات متتاليات ومتتابعات وهن : - التبخير ، والتكثيف ، والإنزال ، والتبخير مرة أخرى ، وسنتناول بدراسة الخطوات الأربع بالتفصيل كلٍ على حده في الحلقة القادمة الأسبوع القادم إن شاء الله .
استودعكم الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


هناك تعليقان (2):

Unknown يقول...

حلقة وافية و شافية لفضولنا الدائم لما يحدث فى كوكبنا المدهش...جزاء الله خيرا دكتور مصطفى

خواطر في كتاب الله المنظور د/ مصطفى جادالله يقول...

وجزاكم مثله استازة نرمين ، وشكراً على متابعة الخواطر ، أسأل الله تعالى أن يرزقك الإخلاص ، وان يجعلك من ساكنى الفردوس الأعلى

الحلقة الثلاثون  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : - أهلاً ومرحباً بكم ، لنكمل حديثنا في كتاب الله المنظور ، فعلى بركة الله نبدأ حلقة ...