الأحد، 6 أبريل 2014




الحلقة الرابعة والعشرون


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : -
أهلاً ومرحباً بكم لنكمل حديثناً في كتاب الله المنظور ، فعلى بركة الله نبدأ حلقة اليوم ، ففي الحلقة الماضية انتهينا من دراسة كوكب الأرض ، واليوم سنتحدث عن القمر .
أهلاً وسهلاً بالإبن الصغير ، والوحيد ، والتابع المنير ، لم يحظ جرم من أجرام السماء باهتمام الإنسان حظي القمر ، لقد تغنوا به الشعراء يقول المحب لمحبوبه : - علشانك يا قمر ، أطلعلك القمر ، ما دام هواك أمر، وأجاب عندما سُئل عن وصفه : - قالوا لى أوصفه ، قلت لهم : القمر .
والقمر قديماً كان للناس ميقات ، وللرحالة في ظلمات الليل مؤنس وهاد ، قال الله تعالى : - ( يسألونك عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج ) سورة البقرة أية 189 .
والدجالون والسحرة ربطوا أقدار الناس وهماً وشعوذة بأوجه القمر .


أما العلماء فأمضوا الأوقات الطوال ينظرون الى القمر ، يتأملون تفاصيلة ، ويتخيلون تضاريسه ، ويحلمون بالصعود إليه ، والهبوط على سطحه ، وعندما اطلقوا الأقمار الإصطناعية ، جعلوها توابع للأرض مثل القمر ، مع  الإختلاف في الأحجام  
والسرعات والأبعاد ، كانت هذه نبذة عن القمر ، وما زلنا لا نعرف عنه شيء من أسراره ، واختلاف أطواره في منازله وأقداره ، وظلماته وأنواره ، سامحنا يا قمر لجهلنا عنك ، ولا تحزن منا ، بل احزن علينا ، لقد اصبح حالنا لا يسر إنسان ولا حيوان ولا جماد ، وإذا كنا نحن البشر لم نقدرك أيها القمر ، فقد قدرك خالق السماوات والأرض ، فقد ذكرك الله كثيراً في كتابه العزيز اذكر بعضها ، قال الله تعالى : - ( تبارك الذى جعل 
في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً ) سورة الفرقان أية 61 ، وقال تعالى : - ( ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ) سورة فصلت أية 37 ، وقال تعالى : - ( وسخر لكم الشمس والقمر دائبين ) سورة ابراهيم أية 33  ، وقال تعالى : - ( وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ) سورة الرعد أية 2 .

سؤال ما هو أصل القمر ؟ .


يرى معظم العلماء أن القمر هو وليد الأرض الوحيد ، والتي انفصل عنها ، وقت انفصال الأرض نفسها عن الشمس ، وقمرنا ليس هو الأكبر حجماً وسط أقمار المجموعة الشمسية ، بل يوجد في مجموعتنا الشمسية أربعة أقمار أكبر من قمرنا ، ثلاثة منها حول كوكب المشتري ، وقمر حول كوكب زحل .
وأغلب التأويلات للعلماء تشير إلى مكان انفصال القمر عن الأرض من منطقة المحيط الهادي حالياً ، الذي كان فيه القمر وانفصل عن الأرض ، تاركاً هذا التجويف الضخم فملأه الماء ، وبعدها انفصل القمر عن أمه الأرض ، واستقر على بعد منها ، متأثر بقوة الإنفصال وقوة الجاذبية بينه وبين الأرض وقوة الدوران حولها ، ظل يدور في مداره في نفس اتجاه دوران الأرض ، كما ظل يدور حول نفسه .




البطاقة الشخصية للقمر

الإسم                             القمر
اسم الوالد                        ليس هناك والد ، وإنما هناك خالق .
اسم الوالده                      الأرض .
اسم الجده                       الشمس .
تاريخ الميلاد                   قبل 4550 مليون سنة .
مكان الميلاد                    المنظومة الشمسية .
محل الإقامة                     حول الأرض .
الترتيب بين الأبناء            الأول والأخير .
الطبيعة                           صلبة .
المسافة بينه وبين الأم         384 ألف كم .
الجاذبية بالنسبة للأم           السدس .
الحجم بالنسبة للأم              واحد إلى ستين .
الكتلة بالنسبة للأم               واحد إلى 82 .
درجة الحرارة           في النهار 120 درجة مئوية ، وفي الليل 80 درجة تحت الصفر. 
زمن دوران القمر حول نفسه      27 وثلث يوم أرضي ( اليوم القمري ) .
زمن دوران القمر حول الأرض    29،5  يوم أرضي ( الشهر القمري ) .
السنة القمرية                           354،5 يوم أرضي .

نلاحظ أن القمر أصغر من الأرض حجماً ، وكتلة ، ثم أن جاذبية القمر سدس جاذبية الأرض فقط ، وبالتالى فالشخص الذي يزن 60 كجم على الأرض ، سيكون وزنه 10 كجم فقط على سطح القمر .
سؤال ماذا يحدث لو كانت المسافة بين الأرض والقمر أصغر ، أو أكبر مما هى عليه ؟ أو كانت دورته أطول أو أقصر مما هي عليه ؟ .
لو كانت المسافة بين القمر والأرض أقل مما هى عليه ، لزادت قوة الجاذبيه بين الأرض والقمر ، وأصبح المد على الأرض طاغياً ، يغمر اليابسة كلها ، وإذا زاد هذا القرب جذبته الأرض فيقع عليها ، ولو كانت المسافة أكبر مما هى علية ، لقلت الجاذبية وتعطل عمل المد والجزر ، ولو زاد البعد جذب القمر كوكباً آخر ، وإذا كانت دورة القمر حول نفسه أو حول الأرض ، أطول أو أقصر مما هى عليه ، لإختل النظام الذى جعل الله لنا 
القمرحسباناً ، وأصبح شهرنا القمري اسبوعاً أو سنيين ، قال تعالى : - ( الشمس والقمر بحسبان ) سورة الرحمن أية 5 .

سؤال ماذا يحدث لو كان القمر أكبر مما هو عليه ؟ ، أو أصغر حجما وكتلة ؟ .
لو حدث ذلك يحدث خلل في النظام ، في حالة الكبر تزداد الجاذبية ويصبح المد علي الأرض طاغياً ، يغمر اليابسة كلها كما قلنا ، وفي حالة الصغر تقل الجاذبية ويتعطل عمل المد والجزر .


جو القمر







لا يوجد غلاف جوي حول القمر ، ومدة النهار على سطح القمر تساوى 14 يوم من أيامنا على الأرض ، ودرجة حرارة نصف القمر المضيء وهو النصف المرئي لنا 120 درجة مئوية ، بينما نصفه الأخر الغير مضيء ، والغير مرئي لنا  ، فحرارته 80 درجة مئوية تحت الصفر ، والعجيب أننا نحن أهل الأرض لا نرى من مساحة القمر إلا حوالي 
60 % ، ويظل 40% منه محجوباً عنا وخفياً عنا ، لأن مدة دوران القمر حول الأرض تقترب من مدة دورانه حول نفسه ، وينتج عن ذلك ، أن القمر يواجه الأرض بالوجه 
نفسه دائماً ، والمتتبع لظهور القمر يلاحظ ، ان ظهورة يتأخر كل ليلة حوالى 50 دقيقة ، كما انه لا يظهر كل ليلة بالقدر نفسه ، ولا بالوجه نفسه ، بل يتدرج وجهه بتدرج منازله 


التقويم القمري



الأقدمون استخدموا دورة القمر المنتظمة لوضع تقويم ، يسمى التقويم القمري .
وبما أن الشهر القمري ( مدة دوران القمر حول الأرض ) تستغرق 29،5 يوم ، فإن السنة القمرية تساوي 12× 29،5 = 354،5 يوم ، بينما السنة الشمسية 365،25 يوم ، ومعنى هذا أن السنة القمرية ( الهجرية ) تنقص عن السنة الشمسية ( الميلادية ) بحوالى 11 يوم ، ولهذا فإن الفصول الأربعة تأتي متأخرة 11 يوم حسب التقويم القمري ، مما يجعل شهر رمضان المبارك يمر علي كل فصول السنة خلال 33 عام تقريباً .

والآن تستحضرني أية قرآنية لها علاقة بهذا الأمر ، استأذنكم اذكرها .
قال الله تعالى : - ( ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً ) سورة الكهف أية 25 . وكثيراً ما سألت نفسي لماذا لم يقل الله تعالى ثلاث مائة وتسعة سنة أو عام ، لابد أن هذه الأية فيها إعجاز علمي ، وحتي لا أطيل عليكم ، ندخل في التوضيح والتفصيل :

قصة أصحاب الكهف حدثت في الفترة بين سيدنا عيسى ، وسيدنا محمد عليهما السلام ، وقتها كانوا الناس يتعاملون بالتقويم الميلادي ( التقويم الشمسي ) ، وعندما جاء خاتم الأنبياء والمرسلين وتعامل المسلمين بالتقويم الهجري ( التقويم القمري ) ، فنزل القرآن الكريم يخاطبنا نحن المسلمين ، يقول لنا رب العزة أن اصحاب الكهف ناموا في كهفهم 300 سنة حسب التقويم الميلادي أي الشمسي ، والعدد يزيد 9 سنوات إذا حسبتم بالتقويم الهجري أي القمري التي تتعاملون به الآن  ، فتعالوا معي نحسبها ببساطة ،
قلنا منذ قليل بأن السنة الهجرية ( القمرية ) تقل 11 يوم تقريباً عن السنة الميلادية ( الشمسية ) ، إذن 300 سنة × 11( يوم فرق التقويم الميلادي عن الهجري ) = 3300 يوم زيادة عن 300 سنة ، تعالوا نري 3300 يوم هذا يعتبروا كم سنة  
3300 ÷ 365،25 السنة = 9 سنوات ، ولذلك يقول ربي وازدادوا تسعاً .



 منازل القمر



قال الله تعالى : - ( والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم ) سورة يس أية 39 ، والعرجون القديم هو سباطة البلح إذا جفت ويبست ، والأصل في ظهور القمر لنا أهل الأرض ، يكمن في انعكاس أشعة الشمس على سطحه ، ومنازل القمر هى مراحل ظهوره لأهل الأرض ، ففي أول الشهر القمري ، تبدأ المساحة المضيئة من القمر في التزايد ، فيخرج من طور المحاق ( طور آخر الشهر المنصرم ) إلى الهلال وتكون فتحته علي اليسار ، ثم التربيع الأول ، ثم البدر يوم 14 من الشهر القمري ، إلى هنا تسمي دورة التعاظم ، وبعد ذلك تقل مساحة القمر المضيئة ، فينتقل إلى التربيع الثاني ، ثم الهلال وفتحته إلي اليمين ، ثم ينتقل إلى المحاق ، ويعرف النصف الأخير من الشهر بدورة التناقص .

معالم القمر 

العالم الكبير جاليليو عمل خرائط للقمر تبين تفاصيل سطحه : -  من وديان وجبال وبحار وبحيرات وفوهات وأخاديد ، مسماه بأسماء مكتشفيها ، أو أسماء أشياء من نوعها على 
الأرض ، إن أهم ما يميز سطح القمر هى تلك الفوهات الكثيرة المستديرة المتناثرة ، والتي يزيد عددها عن 30 ألف فوهه ، تتراوح أقطارها بين مئات الأمتار إلي مئات الأميال ، ومصدرها إما قمم براكين ، أو أنها ناتجة عن اصطدام نيازك بالقمر 



البحار : - مثل بحر البخار ، وبحر الأمطار ، وبحر العواصف ، وبحر الصفاء .
البحيرات : - مثل بحيرة الأحلام .
الخلجان : - مثل خليج قوس قزح .
المحيطات : - مثل المحيط الهاديء .
الجبال : - في الوجه المرئي لنا يوجد  جبال برادلي ، وجبال هيجنز ، وجبال الابنين 
            في الوجه الغير مرئي يوجد  جبال مندلييف ، وجبال جولفيرن ، وجبال اديسون
إن كل هذه الأسماء أطلقها الروس على مسمياتها ، عندما اطلقوا أحد أقمارهم الإصطناعية في اكتوبر عام 1959 م ، ليدور حول القمر ، ويصور وجه القمر الغير مرئي لنا بكاميرات خاصة .

اسمحولي نختم الحلقة بأية استوقفتني في كتاب ربى :
قال تعالى: - ( وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلاً من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلاً ) سورة 
الإسراء أية 12 ، فالمحو يعني الطمس والإزالة ، والمعني أن الله أزال وطمس ضوء القمر ، وهذا واضح من الأية ( أية الليل ) وهى القمر ، ( وأية النهار) وهى الشمس ، والطمس يكون للنور ولذلك قال تعالى ( وجعلنا أية النهار مبصرة ) ، فكلمة مبصرة تدل على أن المقارنة بين نور أية الليل ( القمر ) ونور أية النهار ( الشمس ) فالأول انطفأ ، والأخري بقيت مضيئة نبصر من خلالها .
قال عبد الله بن عباس رضى الله عنهما : - كان القمر يضيء كما تضيء الشمس وهو أية الليل ، فمُحي ، فالسواد الذي في القمر أثر ذلك المحو ، هذا ما استنبطه هذا الصحابى الجليل من القرآن الكريم منذ 1400 سنة ، فماذا يقول العلم الحديث ؟ .



يقول العلم الحديث أن سطح القمر كان ملتهبًا يومًا ما ،  كانت فيه الأرض في حالة صلبة هذا ما يقوله العلم ،  لأن كل المجموعة الشمسية كانت عبارة عن كرات نارية ثم تصلبت منذ حوالي 4.6بليون سنة ، لكن هذه الأجرام لم تتصلب في آن واحد ، بل كان هناك 
تتابع في هذه العملية ، ومن تلك الأجرام ما بقي كما هو ملتهبًا مثل ( الشمس ) ، والأجرام التي تتصلب أولاً هي الأعلى كثافة ، وقد تبين أن كوكب الأرض هو الأعلى كثافة 5.52 ، يتبعه عطارد 5.4 ، أما القمر فكثافته 3.35جم/س² . إذًا فقد تكثفت الأرض قبل القمر ( وكانت الشمس ولا زالت ملتهبة ) .
كما أن هناك ظاهرتان ساهمتا في تأخير تصلب القمر .
الظاهرة الأولى : - أن القمر لم يتكثف مثل الأرض ذرة بذرة وطبقة طبقة ، بل إنه عبارة عن تجميع لأجزاء متكثفة من السديم .
 أما الظاهرة الثانية : -  والأهم فهي نمو جاذبية القمر مع تصلبه نتيجة زيادة حجمه ، مما جعل سرعة اصطدام النيازك المصطدمة به عالية جدًّا ، فولَّد ذلك درجة حرارة فائقة ، مما أوجد ظاهرة فريدة إذ صارت الطبقة الخارجية للقمر ( 150- 200 كم ) ملتهبة ، بينما لب القمر متصلب .

ويدعم ما ذهبنا إليه قول الله تعالى في آخر الأية : - ( وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ) ، فمن المعروف أن السنة إما أن تكون شمسية أو قمرية . ولو كان القمر مستمرًّا في الإضاءة الذاتية ، لما أمكن للإنسان حساب السنين ، ذلك للالتباس بين ضوئه وضوء الشمس ، فكأنما سيكون هناك شمسان ، ففي الحقيقة لقد سبق القرآن الكريم كل هؤلاء في 
ذكر حقيقة أن القمر كان يومًا مضيئًا بذاته .


اكتشاف 

اكتشف العلماء حديثاً أن القمر يبعد عن الأرض 3 سم سنويا ، وإنه سيستمر علي بعده عنا حتي يدخل في مجال جاذبية الشمس ، ليتحقق قول الله تعالي : - ( وجمع الشمس والقمر ) سورة القيامة أية 9 ، هذا طبعاً يوم القيامة ، فنحن والله أعلم في آخر الزمان ، فأفيقوا يا أمة القرآن أرجوكم قبل فوات الآوان ، نفضوا عن أنفسكم تراب الخزي والإنكسار والذل والهوان ، ارفعوا رؤوسكم فالله خالقكم ومولاكم ، وخاتم الأنبياء رسولكم ، شمروا السواعد ، وشدوا الهمم ، وتذكروا أن أجدادكم كانوا أسود في طاعة الله ، والتعاون على البر والتقوي ، لا يخافون في الله لومة لائم ، فيا أيها الإنسان الظالم لنفسه بمعصية الله ، أنت غالي علي الله ، فكن غالي على نفسك ، ولا تهنها في البعد عن الله ، أرجوكم استشعروا عظمة الله في السر والعلن ، أرجوكم ضعوا الجنة أمامكم هدفاً ولا تتنازلوا عنها أبدا ، ولا تسمحوا لأي أحد أن يثنيكم عن هدفكم مهما كان ، قال تعالى : - ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) سورة الكهف أية 29 . فاجعلوا المقياس في أقوالكم وأفعالكم هو مرضاة الله سبحانه وتعالى ، ثم مرضاة رسول الله صل الله عليه وسلم .
نكتفى بهذا القدر من معلومات عن القمر ، واذكركم أن الحلقة القادمة ستكون إجابة على أسألة حضراتكم ، وبعدها سنبدأ في دراسة باقي كواكب المجموعة الشمسية بشكل موجز جدا تقريبا في حلقتين ، فباقي من الخواطر أقل من القليل ، وبعدها سيتم طبع الحلقات في كتاب بمشيئة الله .
إلي اللقاء في الحلقة القادمة ، أستودعكم الله .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


ليست هناك تعليقات:

الحلقة الثلاثون  السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : - أهلاً ومرحباً بكم ، لنكمل حديثنا في كتاب الله المنظور ، فعلى بركة الله نبدأ حلقة ...